كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وإن اختلفا في الملتقط منهما ) بأن ادعى كل منهما أنه الذي التقطه وحده ( قدم من له بينة ) به ( سواء كان في يده أم في يد غيره ) إعمالا لبينته ( فإن كان لكل واحد منهما بينة قدم أسبقهما تاريخيا ) ; لأن الثاني إنما أخذ ممن ثبت الحق له قال الحارثي ، وهذا التعليل يقتضي أن اللقيط لا يقبل الانتقال من شخص إلى شخص وليس كذلك ، فإنه جائز في بعض الحالات فهو كالمال فيجري فيه ما في بينة المال من رواية اعتبار سبق التاريخ ورواية تساويهما أعني : البينتين ( فإن اتحدتا تاريخا أو أطلقتا أو أرخت إحداهما ، وأطلقت الأخرى تعارضتا ، وسقطتا ) فيصيران كمن لا بينة لهما لم يكن بيد أحدهما فإن كان بيد أحدهما فكدعوى المال فتقدم بينة خارج .

( وإن لم تكن لهما بينة قدم صاحب اليد مع يمينه ) ; لأن اليد تفيد الملك فأولى أن تفيد الاختصاص ( فإن كان ) اللقيط ( في أيديهما أقرع بينهما ) لتساويهما في موجب الاستحقاق ولا سبيل إلى اشتراكهما في كفالته كما تقدم ( فمن قرع ) أي : خرجت له القرعة ( سلم إليه مع يمينه ، وإن لم يكن لهما يد فوصفه أحدهما بعلامة مستورة في جسده ) بأن يقول : بظهره أو بطنه أو كتفه أو فخذه شامة أو أثر جرح أو نار ، ونحوه فكشف ، ووجد كما ذكر ( قدم ) على من لم يصفه به ; لأن هذا نوع من اللقطة فقدم بوصفها كلقطة المال ; ولأنه يدل على سبق يده عليه ( فإن وصفاه جميعا ) بما تقدم ( أقرع بينهما ) لانتفاء المرجح لأحدهما على الآخر .

( وإن لم يكن ) اللقيط ( في أيديهما ولا في يد واحد منهما ، ولا بينة لهما ولا لأحدهما ولا وصفاه ولا ) وصفه أحدهما سلمه القاضي إلى من يرى منهما أو من غيرهما ; لأنه لا يد لهما ولا بينة ، فاستويا ، وغيرهما فيه ، كما لو لم يتنازعاه وقال في المغني : الأولى أن يقرع بينهما ( ولا تخيير للصبي ) إذ لا مستند له بخلاف اختياره أحد الأبوين ; لأنه يستند [ ص: 232 ] إلى تجربة تقدمت قاله في التلخيص .

التالي السابق


الخدمات العلمية