كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ويقبض لطفل ) وهبه وليه هبة ( أبوه فقط من نفسه ، فيقول : وهبت ولدي كذا وقبضته له ) فإن لم يقل : وقبضته له لم يكف على ظاهر رواية حرب ، لتغاير القبضين ، فلا بد من تمييز لأن اليد التي لجهة المتهب هنا هي نفس يد الواهب فلا يؤمن أن يدعيه في ثاني الحال أو يدعيه الورثة تركة فيذهب على الطفل ( ولا يحتاج ) أب وهب طفله ( إلى قبول ) للاستغناء عنه بقرائن الأحوال ( ولا يصح قبض الطفل ) أي : غير بالغ .

( ولو ) كان غير البالغ ( مميزا ولا قبض [ ص: 302 ] مجنون لأنفسهما ولا قبولهما ) الهبة لانتفاء أهلية التصرف ( بل ) يقبل ويقبض لهما ( وليهما ) لأنه المتصرف عليهما فالأب ( الأمين ) أي : العدل ولو ظاهرا ( يقوم مقامهما ) في ذلك ( ثم ) عند عدمه ( وصي ثم حاكم أمين كذلك أو من يقيمونه مقامهم وعند عدمهم ) أي : الأولياء ( يقبض له من يليه من أم وقريب وغيرهما نصا ) قال ابن الحكم : سئل أحمد يعطي من الزكاة الصبي ؟ قال نعم يعطي أباه أو من يقوم بشأنه وروى المروزي أيضا نحوه قال الحارثي : وهو الصحيح لأنه جلب منفعة ومحل حاجة ( وتقدم آخر باب ذكر أهل الزكاة لكن يصح منهما ) أي : الصغير والمجنون ( قبض المأكول الذي يدفع مثله للصغير ) لحديث أبي هريرة { كان الناس إذا رأوا أول الثمار جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه قال اللهم بارك لنا في ثمرنا ، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان } أخرجه مسلم .

( وإن كان الواهب لهما ) أي : للصغير والمجنون ( أحد الثلاثة غير الأب ) بأن كان الواهب الوصي أو الحاكم ( لم يتول طرفي العقد ) كالبيع ( ووكل من يقبل ) بخلاف الأب ، لأن له أن يتولى طرفي البيع ( ويقبض هو ) أي : الولي .

قال في المغني : والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء لأنه عقد جار صدوره منه ومن وكيله فجاز له تولي طرفيه كالأب ، وفارق البيع في أنه عقد معاوضة ومرابحة فتحصل التهمة في العقد لنفسه والهبة محض مصلحة لا تهمة فيها ، فجاز له تولي طرفيها كالأب قال الحارثي : وبه أقول انتهى والسفيه فيما تقدم كالصغير .

( وإن كان الأب غير مأمون ) ، قبل الحاكم الهبة للصغير ونحوه ( أو ) كان الأب ( مجنونا ) قبل الحاكم الهبة لولده ( أو ) كان الأب قد مات ، و ( لا وصي له قبل له الحاكم ) لأنه وليه إذن .

( ولو اتخذ الأب دعوة ختان وحملت هدايا إلى داره فهي له ) لأنه الظاهر ( إلا أن يوجد ما يقتضي الاختصاص بالمختون فيكون له ، وهذا كثياب الصبيان ونحوها مما يختص بهم وكذا لو وجد ما يقتضي اختصاص الأم ) بشيء ( فيكون لها مثل كون المهدي من أقاربها أو معارفها ) حمل على العرف ( وخادم الفقراء الذي يطوف لهم في الأسواق ما حصل له لا يختص به ) لأنه في العرف إنما يدفع إليه للشركة فيه ، وهو إما كوكيلهم أو وكيل الدافعين فينتفي الاختصاص .

( وما يدفع من صدقة إلى شيخ زاوية أو ) شيخ ( رباط الظاهر أنه لا يختص به ) .

لأنه في العادة لا يدفع إليه اختصاصا به ، فهو كوكيل الفقراء أو الدافعين كما تقدم ( وله التفضيل في القسم بحسب الحاجة ) لأن الصدقة يراد بها سد الخلة مع أنه لم [ ص: 303 ] يصدر إليه ما يقتضي التسوية والظاهر تفويض الأمر إليه في ذلك .

( وإن كان الشيء يسيرا لم تجر العادة بتفريقه اختص هو به ) لأن الإعطاء صدر إليه ولا قرينة تصرف عنه ( ذكره الحارثي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية