كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
فصل والوصية ببعض المال ليست واجبة لما قدمنا ( بل مستحبة ) لأنها بر ومعروف وعن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زكاة في أعمالكم } رواه الدارقطني ( لمن ترك خيرا وهو ) أي : الخير ( المال الكثير عرفا ) فلا يتقدر بشيء لأنه لا نص في تقديره ( بخمس ماله ) روي عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما قال أبو بكر " رضيت بما رضي الله تعالى لنفسه يعني في قوله تعالى { : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } ( لقريب فقير لا يرث ) لأن الله تعالى كتب الوصية للوالدين والأقربين .

فخرج منه الوارثون بقوله صلى الله عليه وسلم { : لا وصية لوارث } وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم وأقل ذلك الاستحباب ولأن الصدقة عليهم في الحياة أفضل فكذا بعد الموت ( فإن كان القريب غنيا فلمسكين وعالم ودين ونحوهم ) كالغزاة .

( وتكره ) الوصية ( لغيره ) أي : غير من ترك مالا كثيرا ( إن كان له وارث ) [ ص: 339 ] محتاج كما في المغني لقوله صلى الله عليه وسلم { إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة } قال : ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطائه الأجنبي .

فمتى لم يبلغ الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيتهم إياه فيكون ذلك أفضل من الوصية به لغيرهم فعلى هذا يختلف الحال باختلاف الورثة ، في كثرتهم وقلتهم وغناهم وفقرهم ( ومن لا وارث له بفرض أو عصبة أو رحم تجوز وصيته بكل ماله ) روي عن ابن مسعود لأن منع مجاوزة الثلث ثبت لحق الورثة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم { : إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة } فحيث لا وارث ينتفي المنع لانتفاء علته .

التالي السابق


الخدمات العلمية