كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
[ ص: 498 ] ( باب الولاء وجره ودوره ) الولاء بفتح الواو والمد لغة الملك وشرعا ثبوت حكم شرعي بعتق أو تعاطي سببه كما أشار إليه بقوله ( ومعنى الولاء إذا أعتق نسمة ) ذكرا أو أنثى أو خنثى صغيرا أو كبيرا ( صار لها عصبة في جميع أحكام التعصب عند عدم العصبة من النسب ) كالابن والأب والأخ والعم ونحوهم وقوله ( من الميراث وولاية النكاح والعقل ) إذا جنى خطأ أو شبه عمد ( وغير ذلك ) كالنفقة بيان لأحكام التعصيب .

( قاله في المطلع و ) قاله ( الزركشي ) وقوله عند عدم العصبة من النسب متعلق بصار ، والأولى إسقاطه لأنه عصبة حتى مع وجوده ، لكنه محجوب به عن الميراث .

والأصل في ذلك قوله تعالى { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم } وقوله صلى الله عليه وسلم { لعن الله من تولى غير مواليه } وقوله صلى الله عليه وسلم { مولى القوم منهم } حديثان صحيحان وإنما تأخر الولاء عن النسب لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن أبي أوفى { الولاء لحمة كلحمة النسب } رواه الخلال ورواه الشافعي وابن حبان من حديث ابن عمر مرفوعا وفيه " لا يباع ولا يوهب " شبهه بالنسب والمشبه دون المشبه به ، ولأن النسب أقوى من الولاء لأنه يتعلق به المحرمية وترك الشهادة ونحوها بخلاف الولاء .

إذا تقرر ذلك ( فكل من أعتق رقيقا ، أو ) أعتق ( بعضه فسرى ) العتق ( عليه ) إلى باقيه على ما يأتي بيانه فله عليه الولاء .

( ولو ) كان أعتقه ( سائبة ونحوها كقوله : أعتقتك سائبة ، أو ) أعتقتك ( ولا ولاء لي عليك ) لقوله صلى الله عليه وسلم { الولاء لمن أعتق } وقوله صلى الله عليه وسلم { الولاء لحمة كلحمة النسب } فكما أنه لا يزول نسب إنسان ، ولا ولد عن فراش بشرط لا يزول ولاء عن عتيق به ولذلك لما { أراد أهل بريرة اشتراط ولائها على عائشة قال صلى الله عليه وسلم اشتريها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق } يريد أن اشتراط تحويل الولاء عن المعتق ، لا يفيد شيئا وروى مسلم بإسناده عن هذيل بن شرحبيل قال " جاء رجل إلى عبد الله فقال : إني أعتقت عبدا لي وجعلته سائبة ، فمات وترك مالا ولم يدع [ ص: 499 ] وارثا فقال عبد الله : إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون ، وأنت ولي نعمته فإن تأثمت وتحرجت عن شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال " ( أو ) كان المعتق ( منذورا ، أو من زكاة ، أو عن كفارة ) لما تقدم ولأنه معتق عن نفسه ، فكان الولاء له ( أو عتق عليه برحم ) كما لو ملك أباه ، أو ولده ، أو أخاه ، أو عمه ونحوه فعتق عليه بسبب ما بينهما من الرحم أي القرابة ( أو ) عتق عليه ب ( تمثيل به ) بأن مثل برقيقه ، فيعتق عليه وله ولاؤه ( أو ) عتق عليه ب ( كتابة ) بأن كاتبه على مال فأداه .

( ولو أدى ) المكاتب ( إلى الورثة ) ما كوتب عليه وعتق فولاؤه للموروث يرث به أقرب عصبته على ما يأتي ( أو ) عتق عليه ب ( تدبير ) بأن دبره ، فمات وخرج من ثلثه ( أو ) عتق عليه ب ( إيلاد ) كأن أتت أمته منه بولد ثم مات أبو الولد ( أو ) بسبب .

( وصية بعتقه ) بأن وصى بعتق عبده ، فأعتقه الورثة ( أو بتعليق ) عتقه ( بصفة فوجدت ) كأن يقول له : إذا جاء رأس السنة فأنت حر ، فجاء رأس السنة ونحوه ( أو ) يعتقه ( بعوض ) نحو أنت حر على أن تخدمني سنة وكما لو اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال ، فإنه يعتق ويكون الولاء لسيده نص عليه ( أو حلف ) للسيد ( بعتقه فحنث فله ) أي السيد ( عليه ) أي على العتيق في جميع هذه الصور ( الولاء وإن اختلف دينهما ) لقوله صلى الله عليه وسلم { الولاء لمن أعتق } متفق عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية