كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ويشترط فيه ) أي الاستثناء ( وفي شرط ) متأخر كأنت طالق إن دخلت الدار ( ونحوه ) كالصفة ، نحو أنت طالق قائمة ، وكذا عطف مغاير كقوله أنت طالق أو لا ( اتصال معتاد لفظا أو حكما ) لأن الاتصال يحتمل اللفظ جملة واحدة فلا يقع الطلاق قبل تمامها بخلاف غير المتصل فإنه لفظ يقتضي رفع ما وقع بالأول ، والطلاق إذا وقع لا يمكن رفعه ، والاتصال لفظا أن يأتي به متواليا ، وحكما ( كانقطاعه بتنفس ونحوه ) كسعال وعطاس قال الطوخي فلا يبطله الفصل اليسير ولا ما عرض من سعال ونحوه ولا طول كلام متصل بعضه ببعض ( و ) يشترط أيضا في استثناء ( نية قبل تمام المستثنى منه ) فقوله أنت طالق ثلاثا إلا واحدة لا يعتد بالاستثناء إلا إن نواه قبل تمام قوله أنت طالق ثلاثا ( وقطع به جمع و ) .

تصح نيته ( بعده ) أي بعد تمام المستثنى منه ( قبل فراغه ) من كلامه بأن يأتي به ناويا له عند تمامه قبل أن يسكت ( واختاره ) أي اختار القول بصحة نيته بعد تمام المستثنى منه قبل فراغه ( الشيخ و ) تلميذه ابن القيم في إعلام الموقعين .

وقال الشيخ دل عليه كلام أحمد ومتقدمي أصحابه ، وقال ( لا يضر فصل يسير باستثناء ) ، قال وفي القرآن جمل قد فصل بين أبعاضها بكلام آخر كقوله - تعالى - : { وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا } - إلى قوله - { هدى الله } فصل بين الكلام والمحكي عن [ ص: 272 ] أهل الكتاب .

وكذا حكم شرط متأخر وعطف مغاير ونحوه كما تقدم ( و ) إذا قال ( أنت طالق ثلاثا واستثنى بقلبه إلا واحدة وقعت الثلاث ) لأن العدد نص فيما تناوله فلا يرتفع بالنية ، لأن اللفظ أقوى ولو ارتفع بالنية لرجح المرجوح على الراجح ( وإن قال نسائي طوالق واستثنى واحدة بقلبه لم تطلق ) لأنه لا يسقط وإنما استعمل العموم في الخصوص ، وذلك شائع بخلاف ما قبلها وما بعدها ( وإن قال نسائي الأربع أو الثلاث أو الاثنتين ) بالنصب للأربع فما بعده على أنه مفعول لفعل محذوف كأعني طوالق واستثنى واحدة بقلبه ( منهن ) طلقت في الحكم أي في الظاهر قال في الإنصاف على الصحيح من المذهب ، وقطع به الأكثر ولم تطلق في الباطن قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير .

وقيل تطلق أيضا وهو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به الزركشي والخرقي انتهى وهذا ظاهر المنتهى لأن النص فيما يتناوله ، فلا يرتفع منه شيء بمجرد النية لأنها أضعف منه كما تقدم ( وإن قالت له امرأة من نسائه طلقني فقال نسائي طوالق ولا نية له ) طلقن كلهن لأن لفظه يتناولهن ، ( أو قالت له ) امرأة من نسائه ( طلق نساءك فقال نسائي طوالق طلقن كلهن ) لأن اللفظ عام فيها ولم يرد به غير مقتضاه ، فوجب العمل بعمومه كالصورة الأولى .

( فإن أخرج السائلة بنيته ) بأن استثناها بقلبه ( دين ) فيما بينه وبين الله ، لأن لفظه يحتمله ( في الصورتين ) أي صورة طلقني وصورة طلق نساءك ، ( ولم يقبل في الحكم فيهما ) أي في الصورتين أما في الصورة الأولى فلأن طلاقها جواب سؤالها الطلاق لنفسها فلا يصدق في الحكم في صرفه عنها لأنه يخالف الظاهر وسبب الحكم ، فلا يجوز إخراجه من العموم بالتخصيص وأما الثانية ففي المبدع وشرح المنتهى وغيرهما يقبل منه حكما أنه استثناها بقلبه لأن خصوص السبب يقدم على عموم اللفظ ، ولأن السبب يدل على نيته .

التالي السابق


الخدمات العلمية