كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
[ ص: 284 ] باب تعليق الطلاق بالشروط قال في الاختيارات تعليق الطلاق على شرط هو إيقاع عند ذلك الشرط كما لو تكلم به عند الشرط ولهذا قال بعض الفقهاء : إن التعليق يصير إيقاعا في ثاني الحال .

وقال بعضهم : إنه متهيئ لأن يصير إيقاعا ، ( وهي ) أي الشروط بمعنى التعاليق إذ الشرط يطلق على التعليق وعلى الأداة وعلى المعلق عليه ، ففي كلامه استخدام لم يطابق المبتدأ والخبر لعموم الخبر ، وفي بعض النسخ وهو أي التعليق ، وهي أظهر ( ترتيب شيء غير حاصل ) حين الترتيب وهو الطلاق والعتق ونحوه ( على شيء حاصل أو غير حاصل بإن ) بكسر الهمزة وسكون النون ( أو إحدى أخواتها ) من أدوات الشرط الجازمة وغيرها نحو إن قام زيد فامرأته طالق أو عبده حر ونحوه أو إن كان قائما فامرأته طالق أو عبده حر ونحوه .

( ويصح ) التعليق مع تقدم الشرط كإن دخلت الدار فأنت طالق ويصح أيضا مع ( تأخره ) أي الشرط كأنت طالق إن دخلت الدار بشرط اتصاله ونيته قبل تمام أنت طالق وتقدم في الاستثناء ( كتأخر ) جواب ( القسم في قوله أنت طالق لأفعلن ) فإنه يصح فإن فعل بر وإلا حنث بفوات ما عينه بلفظه أو نيته وإلا فباليأس ( ويصح ) التعليق ( بصريحه ) كما تقدم .

( و ) يصح أيضا ( بكنايته ) أي الطلاق ( مع قصده ) أي قصد الطلاق نحو أنت خلية إن لم تدخلي الدار إذا نوى بها الطلاق وعلى ما تقدم أو وجدت قرينة من غضب أو سؤال طلاق ( ومن صح تنجيزه ) للطلاق ( صح تعليقه ) له على شرط لأداء التعليق مع وجود الصفة تطليق فإذا علق الطلاق على شرط وقع عند وجوده أي إذا استمرت الزوجية ( وإن فصل بين الشرط وحكمه ) أي جوابه ( بكلام منتظم كأنت طالق يا زانية إن قمت لم يضر ) ذلك الفصل لأنه لا يعد فصلا عرفا ( ويقطعه ) أي التعليق ( سكوته وتسبيحه ونحوه ) مما لا يكون الكلام معه متصلا ( كأنت طالق أستغفر الله إن قمت أو ) أنت طالق ( سبحان الله إن قمت ) فيقع الطلاق منجزا ( وأنت طالق مريضة رفعا ونصبا ) أي برفع مريضة أو نصبها ( يقع ) الطلاق فيها ( بمرضها ) لوصفها بالمرض عند الوقوع أشبه الشرط فكأنه قال أنت طالق إذا مرضت .

وانتصاب مريضة على الحال وارتفاعها [ ص: 285 ] مبتدأ محذوف والجملة حال ( وتعم من وأي المضافة إلى الشخص ) أي يعم ( ضميرها ) سواء كان ( فاعلا أو مفعولا ) فالأول نحو من دخلت الدار فهي طالق أو أيتكن دخلت الدار فهي طالق والثاني نحو من أقمتها منكن فهي طالق أو أيتكن أقمتها فهي طالق ( ولا يصح ) تعليق الطلاق ( إلا من زوج ) ولو مميزا يعقله لما تقدم وكالمنجز ( فلو قال إن تزوجت فلانة ) فهي طالق لم تطلق إن تزوجها ( أو ) قال ( إن تزوجت امرأة فهي طالق لم تطلق إن تزوجها ولو كانت ) التي عينها ( عتيقته ) بأن قال إن تزوجت عتيقتي فلانة فهي طالق فلا تطلق إذا تزوجها لقوله صلى الله عليه وسلم { لا طلاق ولا عتاق لابن آدم فيما لا يملك } رواه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد جيد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال الترمذي هو حديث حسن وهو أحسن شيء في الباب ، ورواه الدارقطني وغيره من حديث عائشة وزاد : ( وإن عينها ) .

وعن المسور مرفوعا قال { لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك } رواه ابن ماجه بإسناد حسن ، قال أحمد : هذا النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أصحابه و ( كحلفه لا أفعل كذا فلم يبق له زوجة ثم تزوج أخرى ) أي غير التي كانت حين الحلف ( وفعل ذلك ) الفعل الذي حلف لا يفعله لم تطلق التي تزوجها لما تقدم ، بخلاف ما لو حلف على شيء لا يفعله ثم أبان زوجته ثم عقد عليها فتعود الصفة ويحنث إذا فعله وتقدم في الخلع ( وإن قال لأجنبية أنت طالق إن قمت فتزوجها ثم قامت لم تطلق ) قال في شرح المقنع بغير خلاف نعلمه ( وإن علق زوج طلاقا بشرط لم تطلق قبل وجوده ) أي الشرط لأنه زوال ملك بني على التغليب والسراية أشبه العتق ( وليس له ) أي المعلق طلاقا بشرط ( إبطاله ) أي التعليق لأن إبطاله رفع له وما وقع لا يرتفع ( فإذا وجدت ) الصفة المعلق عليها الطلاق وهي المعبر عنها بالشرط ( طلقت ) لوجود الصفة وإن لم توجد لم تطلق .

( فإن مات أحدهما قبل وجود الشرط ) سقطت اليمين ( أو استحال وجوده ) أي الشرط كأن قال أنت طالق إن قتلت زيدا فمات ( سقطت اليمين ) ولا حنث لعدم وجود الصفة ، ( وإن قال بعد ) تعليقه الطلاق بشرط ( عجلت ما علقته ) لم يتعجل ( أو ) قال ( أوقعت ) أي وقعت ما علقته ( لم يتعجل ) لأنه حكم شرعي فلم يملك تغييره ( وإن أراد تعجيل طلاق سوى تلك الطلقة ) المعلقة ( وقع ) بها طلقة ( فإذا جاء ) أي وجد ( الزمن الذي علق الطلاق به وهي زوجته ) أو في عدة رجعي ( وقع بها الطلاق المعلق ) لوجود شرطه ( وإن قال ) من علق الطلاق [ ص: 286 ] بشرط : ( سبق لساني بالشرط ولم أرده ) أي الشرط بمعنى التعليق ( وقع ) الطلاق ( في الحال ) لأنه أقر على نفسه بما هو أغلظ من غير تهمة وهو يملك إيقاعه في الحال فلزمه ( وإن قال أنت طالق ثم قال أردت إن قمت دين لأنه أعلم بنيته ولم يقبل ) منه ذلك في الحكم لأنه خلاف الظاهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية