كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( فصل ثم يرفع يديه ) إلى حذو منكبيه ( كرفعه الأول ) عند افتتاح الصلاة ( بعد فراغه من القراءة ) قال في الشرح والمبدع : إذا فرغ من قراءته ثبت قائما ، وسكت حتى يرجع إليه نفسه قبل أن يركع ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع ، قاله أحمد ، لحديث سمرة في بعض رواياته ، { إذا فرغ من القراءة سكت } رواه أبو داود ويكون رفع اليدين ( مع ابتداء الركوع ) استحبابا في قول خلائق من الصحابة ومن بعدهم ، لما روى ابن عمر قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم { إذا استفتح الصلاة رفع يديه ، حتى يحاذي منكبيه إذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع } متفق عليه .

وروى أحمد بإسناد جيد عن الحسن أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يفعلون ذلك وكان عمر إذا رأى رجلا لا يرفع يديه حصبه ، وأمره أن يرفع " ومضى عمل السلف على هذا ( مكبرا ) لحديث أبي هريرة قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر إذا قام إلى الصلاة ثم يكبر حين يركع } متفق عليه ( فيضع يديه مفرجتي الأصابع على ركبتيه ، ملقما كل يد ركبة ) " لما في حديث رفاعة عن النبي قال { وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك } رواه أبو داود .

وروى أحمد من حديث ابن مسعود " أنه صلى الله عليه وسلم { فرج أصابعه من وراء ركبتيه } ( ويمد ظهره مستويا ) ويجعل ( رأسه حياله ) أي : بإزاء ( ظهره ) لا يرفعه ولا يخفضه ، لما روت عائشة قالت { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يرفع رأسه ، ولم يصوبه ، ولكن بين ذلك } متفق عليه ، وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان { إذا ركع لو كان قدح ماء على ظهره ما تحرك ، لاستواء ظهره } ذكره في المغني والشرح .

قال في المبدع : والمحفوظ ما رواه ابن ماجه عن وابصة بن معبد قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر } ( ويجافي مرفقيه عن جنبيه ) لما روى أبو حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم { ركع فوضع يديه على ركبتيه ، كأنه قابض عليهما ، ووتر يديه ، فنحاهما عن جنبيه } رواه أبو داود والترمذي ، وصححه .

( ويكره أن يطبق إحدى راحتيه على الأخرى ، ويجعلهما بين ركبتيه ) وهذا كان في أول الإسلام ، ثم نسخ ، { وقد فعله مصعب بن سعد قال [ ص: 347 ] فنهاني أبي وقال : كنا نفعل ذلك فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب } متفق عليه ، ( وقدر الإجزاء ) في الركوع ( انحناؤه بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه نصا ، إذا كان وسطا من الناس ، لا طويل اليدين ، ولا قصيرهما ) لأنه لا يسمى راكعا بدونه ولا يخرج عن حد القيام إلى الركوع إلا به .

( وقدره ) أي : الانحناء ، بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه لو كان من أوساط الناس ( في حقهما ) أي : طويل اليدين وقصيرهما ، قال في الفروع : أو قدره من غيره أي : غير الوسط من الناس ، قال المجد عبد السلام بن تيمية الحراني : وضابط الإجزاء الذي لا يختلف ( بحيث ) عبارته : أن ( يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل ) ومقتضى كلامه في الإنصاف وغيره أنه قول مقابل للقول الذي مشى عليه المصنف وقد أوضحت ذلك في الحاشية .

وإن كانت يداه عليلتين لا يمكنه وضعهما انحنى ولم يضعهما ، وإن كانت إحداهما عليلة وضع الأخرى ذكره في المغني والشرح ( وقدره ) أي : الركوع المجزئ ( من قاعد مقابلة وجهة ما قدام ركبتيه من الأرض أدنى مقابلة ، وتتمتها ) أي : المقابلة ( الكمال ) أي : كمال الركوع من القاعد ، قاله أبو المعالي وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية