كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ويجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ، ويجلس عليها ، وينصب اليمنى ، ويخرجها من تحته ، ويجعل بطون أصابعها على الأرض مفرقة ، معتمدا عليها لتكون أطراف أصابعها إلى القبلة ) لقول أبي حميد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم { ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ، واعتدل حتى رجع كل عظم [ ص: 354 ] في موضعه } .

وفي حديث عائشة { وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى } متفق عليه ( باسطا يديه على فخذيه ، مضمومة الأصابع ) قياسا على جلوس التشهد ، ولأن هذا مما توارثه الخلف عن السلف ( قائلا : رب اغفر لي ) لما روى حذيفة أن النبي " صلى الله عليه وسلم { كان يقول بين السجدتين : رب اغفر لي ، } رواه النسائي وابن ماجه ، وإسناده ثقات .

قاله في المبدع ، وإن قال : رب اغفر لنا أو اللهم اغفر لنا ، فلا بأس ، قاله في الشرح ( ثلاثا ، وهو الكمال هنا ، وتقدم ) عند ذكر تسبيح الركوع ، قال في المبدع : ولا يكره في الأصح لما ورد عن ابن عباس .

قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني ، واهدني ، وارزقني ، وعافني } رواه أبو داود .

( ولا تكره الزيادة على قول : رب اغفر لي ، ولا على سبحان ربي العظيم و ) لا على ( سبحان ربي الأعلى ، في الركوع والسجود ، مما ورد ) من دعاء أو نحوه ، ومنه ما روى أبو هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وسره وعلانيته } رواه مسلم .

وقال صلى الله عليه وسلم { وأما السجود : فأكثروا فيه من الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم } رواه مسلم ومعنى " قمن " حقيق وجدير ، ( ثم يسجد ) السجدة ( الثانية كالأولى ) فيما تقدم من التكبير والتسبيح والهيئة .

لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك وإنما شرع تكرار السجود في كل ركعة دون غيره لأن السجود أبلغ ما يكون في التواضع ، لأن المصلي لما ترقى في الخدمة ، بأن قام ، ثم ركع ، ثم سجد ، فقد أتى بغاية الخدمة ، ثم أذن له في الجلوس في خدمة المعبود ، فسجد ثانيا شكرا على اختصاصه إياه بالخدمة وعلى استخلاصه من غواية الشيطان إلى عبادة الرحمن ( ثم يرفع رأسه مكبرا ) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع ( قائما على صدور قدميه ، معتمدا على ركبتيه بيديه ) نص عليه لحديث وائل بن حجر .

وعن ابن عمر قال { نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه ، إذا نهض في الصلاة } رواه أبو داود ولأنه أشق فكان أفضل ، كالتجافي ( إلا أن يشق عليه ) الاعتماد على ركبتيه ، لكبر ، أو ضعف ، أو مرض ، أو سمن ، ونحوه ( فيعتمد بالأرض ) لما روى الأثرم عن علي قال { من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع } .

التالي السابق


الخدمات العلمية