كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
وأجمعوا على وجوب التتابع ، ومعناه الموالاة بين صوم أي أيامهما ( حرا كان ) المكفر ( أو عبدا ) بغير خلاف نعلمه قاله في المبدع ( فلا يجوز أن يفطر فيهما ) أي في الشهرين ( ولا أن يصوم فيهما عن غير الكفارة ) لئلا يفوت التتابع ( ولا يجب نية التتابع ويكفي فعله ) أي التتابع ، لأنه شرط ، وشرائط [ ص: 384 ] العبادات لا تحتاج إلى نية وإنما تجب النية لأفعالها ( وكالمتابعة بين الركعات ) في الصلاة ، فإنها فرض ولا تعتبر نيتها ( وإن تخلل صومهما صوم ) شهر ( رمضان ) بأن يبتدئ الصوم من أول شعبان فيتخلله رمضان لم ينقطع التتابع ( أو ) تخلله ( فطر واجب كفطر العيدين وأيام التشريق ) بأن يبتدئ مثلا من ذي الحجة ، فيتخلل يوم النحر وأيام التشريق لم ينقطع التتابع ، لأنه زمن منعه الشرع عن صومه في الكفارة كالليل .

( أو ) تخلله فطر ( كحيض أو نفاس ) أجمعوا عليه في الحيض وقيس عليه النفاس ( أو ) تخلله فطر ل ( جنون أو إغماء أو مرض ولو غير مخوف ) لم ينقطع التتابع ، لأنه أفطر بسبب لا صنع له فيه ، كالحيض ( أو ) تخلله فطر ( لسفر مبيحان ) أي المرض والسفر ( الفطر ) لم ينقطع التتابع كالمرض المخوف ( أو ) تخلله ( فطر الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما أو ) خوفهما على ( ولديهما ) لم ينقطع التتابع ، لأنه فطر أبيح لعذر عن غير جهتها أشبه المرض ( أو ) تخلله فطر ( لإكراه أو نسيان أو لخطأ ) لحديث : { عفي لأمتي عن الخطإ والنسيان ، وما استكرهوا عليه } ( لا ) إن أفطر ( لجهل ) فلا يعذر به .

ومثال الفطر خطأ ( كمن أكل يظن أن الفجر لم يطلع ، وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب ) لم ينقطع التتابع لما سبق ( أو وطئ غير المظاهر منها ليلا ولو عمدا ) قال في المبدع بغير خلاف نعلمه لأن ذلك غير محرم عليه ، ولا هو مخل بتتابع الصوم كالأكل ( أو ) وطئ غير المظاهر منها ( نهارا ناسيا للصوم أو لعذر يبيح الفطر ) لم ينقطع التتابع لأن الوطء لا أثر له في قطع التتابع ( أو ) وطئ غير المظاهر منها ( في أثناء الإطعام أو العتق أو أصاب المظاهر منها في أثناء الإطعام أو العتق لم ينقطع التتابع ) بذلك ، فيبنى على ما قدمه من العتق أو الإطعام ويتمه .

( وإن أفطر يظن أنه قد أتم الشهرين فبان بخلافه ) انقطع التتابع ( أو ظن أن الواجب شهر واحد ) فأفطر ( أو ) أفطر ( ناسيا لوجوب التتابع أو أفطر لغير عذر ) انقطع التتابع لقطعه إياه ، ولا يعذر بالجهل كما تقدم ، ومثل ذلك لا يخفى ( أو صيام ) في أثناء الشهرين ( تطوعا أو قضاء ) عن رمضان ( أو ) صام ( عن نذر أو كفارة أخرى ) انقطع ، لأنه قطعه بشيء يمكنه التحرز منه أشبه ما لو أفطر من غير عذر ( أو أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا ولو ناسيا ، أو مع عذر يبيح الفطر ) كمرض وسفر ( انقطع ) التتابع لقوله تعالى : { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } .

فأمر بصيام شهرين خاليين عن وطء [ ص: 385 ] ولم يأت بهما كما أمر ، فلم يجزئه كما لو وطئها نهارا ناسيا ( ويقع صومه ) في أثناء الشهرين ( عما نواه ) من قضاء أو كفارة أو نذر ، لأنه زمن لم يتعين للكفارة ( وإن لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به ) بأن أنزل ( قطع التتابع ) لفساد صومه ( وإلا ) بأن لم يكن على وجه يفطر به ، بأن لم ينزل ( فلا ) يقطع التتابع لعدم فساد الصوم ( وحيث انقطع التتابع لزمه الاستئناف ) ليأتي بالشهر بالمتتابعين ( فإن كان عليه نذر صوم غير معين ) بأن نذر صوم شهر أو أيام مطلقة ( أخره إلى فراغه من الكفارة ) لاتساع وقته ( وإن كان ) النذر ( معينا ) كأن نذر صوم المحرم ( أخر الكفارة عنه أو قدمها عليه إن أمكن ) بأن اتسع لها الوقت ، لأنه أمكن الإتيان بكل من الواجبين فلزمه ( وإن كان ) النذر ( أياما من كل شهر كيوم الخميس ) ويوم الاثنين ( أو أيام البيض قدم الكفارة عليه ) لوجوبها بأصل الشرع ( وقضاه بعدها ) قلت لفوات المحل كما يأتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية