كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( فصل ثم يسلم وهو جالس ) بلا نزاع في المبدع ، وأنه تحليلها وهو منها لقوله صلى الله عليه وسلم { وتحليلها التسليم } وليس لها تحليل سواه ( مرتبا معرفا وجوبا ) لأن الأحاديث قد صحت ، أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله كذلك ولم ينقل عنه خلافه وقال { صلوا كما رأيتموني أصلي } ( مبتدئا ندبا عن يمينه ، قائلا : السلام عليكم ورحمة الله ) روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وعمار وابن مسعود ولقول ابن مسعود { إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خديه } رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ( فقط ) لما تقدم .

( فإن زاد وبركاته جاز ) لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود من حديث وائل ( والأولى تركه ) كما في أكثر الأحاديث ( فإن لم يقل ورحمة الله " في غير صلاة الجنازة لم يجزئه ) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله وقال { صلوا كما رأيتموني أصلي } وهو سلام في صلاة ورد مقرونا بالرحمة فلم يجزئه بدونها كالسلام في التشهد .

( و ) يسلم ( عن يساره كذلك ) لما تقدم وأصح الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما تسليمتان فعن سعد قال { كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 362 ] يسلم عن يمينه ويساره ، حتى يرى بياض خده } رواه مسلم ( والالتفات سنة ) قال أحمد ثبت عندنا من غير وجه { أنه كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ويساره ، حتى يرى بياض خده } ( ويكون ) التفاته ( عن يساره أكثر ) لفعله صلى الله عليه وسلم رواه يحيى بن محمد بن صاعد عن عمار قال { كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن ، وإذا سلم عن يساره يرى بياض خده الأيمن والأيسر } فيلتفت ( بحيث يرى خداه يجهر إمام ب ) التسليمة ( الأولى فقط ) لأن الجهر في غير القراءة إنما كان للإعلام بالانتقال من ركن إلى آخر وقد حصل بالجهر بالأولى ( ويسرهما ) أي التسليمتين غيره وهو المنفرد والمأموم إلا لحاجة وتقدم .

( ويستحب جزمه و ) هو ( عدم إعرابه ، فيقف على كل تسليمة ) لأن المراد بالجزم هنا معناه اللغوي ، أي قطع إعراب آخر الجلالة بحذف الجر منها ، وبحذف الرفع منها ، وبحذف الرفع من راء أكبر في التكبير ( وحذفه ) أي السلام ( سنة ) لقول أبي هريرة { حذف السلام سنة } وروي مرفوعا عنه وصححه الترمذي ( وهو ) أي حذف السلام ( عدم تطويله ، و ) عدم ( مده في الصلاة ، وعلى الناس ) .

قال أبو عبد الله هو أن لا يطول به صوته وقال ابن المبارك معناه أن لا يمد مدا ( فإن نكر السلام ) كقوله : سلام عليكم أو عرفه بغير اللام ، كسلامي أو سلام الله عليكم ( أو نكسه فقال ) عليكم سلام أو ( عليكم السلام ، أو قال السلام عليك : بإسقاط الميم ، أو نكسه في التشهد ، فقال : عليك السلام أيها النبي : أو علينا السلام وعلى عباد الله لم يجزئه ) لمخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم { صلوا كما رأيتموني أصلي } ومن تعمد قولا من هذه الصور التي قلنا إنها لا تجزئ بطلت صلاته لأنه يغير السلام الوارد ، ويخل بحرف يقتضي الاستغراق قاله في شرح المنتهى .

( وينوي بسلامه : الخروج من الصلاة استحبابا ) لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة ، فإن لم ينو جاز ، لأن نية الصلاة قد شملت جميعها والسلام من جملتها كتكبيرة الإحرام ( فإن نوى معه ) أي مع الخروج من الصلاة السلام على الملائكة ( الحفظة والإمام والمأموم جاز ) نص عليه ، لما روى سمرة بن جندب قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم { أن نرد على الإمام ، وأن يسلم بعضنا على بعض } رواه أبو داود وإسناده ثقات ( ولم يستحب ) ذلك ( نصا ، وكذا لو نوى ذلك ) أي السلام على الحفظة والإمام والمأموم ( دون الخروج ) من الصلاة فلا تبطل به ، خلافا لابن حامد .

( وإن كانت صلاته أكثر من ركعتين ) كمغرب ورباعية ( نهض مكبرا كنهوضه [ ص: 363 ] من السجود ) قائما على صدور قدميه ( إذا فرغ من التشهد الأول ولا يرفع يديه ) حكاه بعضهم وفاقا ، قال في الإنصاف : وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب .

وقطع به كثير منهم وعنه يرفعهما اختارها المجد ، والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وابن عبدوس ا هـ قال في المبدع : وهي أظهر ، وقد صححه أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخطابي وهو قول جماعة من أهل الحديث ( وأتى بما بقي من صلاته كما سبق ) لقوله صلى الله عليه وسلم { للمسيء في صلاته ثم افعل ذلك في صلاتك كلها } ( إلا أنه لا يجهر ) قال في المبدع : بغير خلاف نعلمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية