كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( باب حكم المرتد وهو ) لغة الراجع يقال ارتد فهو مرتد إذا رجع قال تعالى : { ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين } وشرعا ( الذي يكفر بعد إسلامه ) نطقا أو اعتقادا [ ص: 168 ] أو شكا أو فعلا ( ولو مميزا ) فتصح ردته كإسلامه ويأتي ( طوعا ) لا مكرها لقوله تعالى : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } ( ولو ) كان ( هازلا ) لعموم قوله تعالى : { من يرتد منكم عن دينه } الآية وحديث ابن عباس مرفوعا : { من بدل دينه فاقتلوه } رواه الجماعة إلا مسلما وأجمعوا على وجوب قتل المرتد .

( فمن أشرك بالله ) تعالى أي كفر به بعد إسلامه ولو مكرها بحق كفر لقوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ( أو جحد بربوبيته أو وحدانيته ) كفر لأن جاحد ذلك مشرك بالله تعالى ( أو ) جحد ( صفة من صفاته ) اللازمة قال في الرعاية لأنه كجاحد الوحدانية .

وفي الفصول : شرطه أن تكون الصفة متفقا على إثباتها ( أو اتخذ له ) أي لله ( صاحبة أو ولدا ) كفر لأنه تعالى نزه نفسه عن ذلك ونفاه عنه فمتخذه مخالف له غير منزه له عن ذلك ( أو ادعى النبوة أو صدق من ادعاها ) بعد النبي صلى الله عليه وسلم كفر لأنه مكذب لقول الله تعالى : { ولكن رسول الله وخاتم النبيين } .

ولقوله صلى الله عليه وسلم : { لا نبي بعدي } ( أو جحد نبيا ) مجمعا على نبوته لأنه مكذب لله جاحد لنبوة نبي من أنبيائه ( أو ) جحد ( كتابا من كتب الله أو شيئا منه ) لأن جحد شيء منه كجحده كله لاشتراكهما في كون الكل من عند الله ( أو جحد الملائكة ) أو أحدا ممن ثبت أنه ملك كفر لتكذيبه القرآن ( أو ) جحد ( البعث ) كفر لتكذيبه للكتاب والسنة وإجماع الأمة ( أو سب الله أو رسوله ) كفر لأنه لا يسبه إلا وهو جاحد به ( أو استهزأ بالله ) تعالى ( أو بكتبه أو رسله ) لقوله تعالى : { قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } .

قال في المغني والشرح : ولا ينبغي أن يكتفى في الهازئ بذلك بمجرد الإسلام حتى يؤدب أدبا يزجره عن ذلك لأنه إذا لم يكتف ممن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوبة فهذا أولى .

( قال الشيخ أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به ) الرسول ( اتفاقا ، وقال أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا انتهى ) أي كفر لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين : { ما نعبدهم إلا [ ص: 169 ] ليقربونا إلى الله زلفى } .

( أو سجد لصنم أو شمس أو قمر ) عبارة المنتهى لكوكب فيدخل فيه سائر الكواكب كفر لأن ذلك إشراك ( أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين ) الذي شرعه الله كفر للآية السابقة ( أو وجد منه امتهان للقرآن أو طلب تناقصه أو دعوى أنه مختلف أو ) أنه ( مختلف أو مقدور على مثله أو إسقاط لحرمته ) كفر لقوله تعالى : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله } وقوله : { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } وقوله : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن } الآية ( أو أنكر الإسلام ) كفر لقوله تعالى : { إن الدين عند الله الإسلام } ( أو ) أنكر ( الشهادتين أو ) أنكر ( أحدهما كفر ) لأنه إنكار للوحدانية والرسالة أو إحداهما ، وذلك كفر لما مر .

التالي السابق


الخدمات العلمية