كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
فصل ( ويشترط في القاضي عشر صفات : أن يكون بالغا عاقلا ) لأن غيرهما لا ينفذ قوله في نفسه ، فلئلا ينعقد في غيره أولى وهما يستحقان الحجر عليهما والقاضي يستحقه على غيره وبين الحالتين منافاة ( ذكرا ) لقوله صلى الله عليه وسلم { لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة } ولأن المرأة ناقصة العقل قليلة الرأي [ ص: 295 ] ليست أهلا لحضور محافل الرجال ( حرا ) لأن العبد منقوص برقه ، مشغول بحقوق سيده ، وكالإمامة العظمى ( لكن تصح ولاية عبد إمارة سرية وقسم صدقة و ) قسم ( فيء ، وإمامة صلاة ) غير جمعة وعيد ( وأن يكون مسلما ) ; لأن الكفر يقتضي إذلال صاحبه ، والقضاء يقتضي احترامه وبينهما منافاة ، ولأنه يشترط في الشهادة فهنا أولى ( عدلا ولو تائبا من قذف ) نص عليه .

( فلا تجوز تولية فاسق ولا من فيه نقص يمنع ) قبول ( الشهادة ) لقوله تعالى { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } ولا يجوز أن يكون الحاكم ممن لا يقبل قوله ويجب التبيين عند حكمه وكالشهادة ( وأن يكون سميعا ) لأن الأصم لا يسمع كلام الخصمين ( بصيرا ) لأن الأعمى لا يميز المدعي من المدعى عليه والمقر من المقر له ( ناطقا ) لأن الأخرس لا يمكنه النطق بالحكم ، ولا يفهم جميع الناس إشارته ( مجتهدا ) إجماعا ذكره ابن حزم ولأنهم أجمعوا على أنه لا يحل لحاكم ولا لمفت تقليد رجل لا يحكم ولا يفتي إلا بقوله ; لأن فاقد الاجتهاد إنما يحكم بالتقليد والقاضي مأمور بالحكم بما أنزل الله ولا المفتي لا يجوز أن يكون عاميا مقلدا فالحاكم أولى .

( ولو ) كان اجتهاده ( في مذهب إمامه ) إذا لم يوجد غيره ( لضرورة ) لكن في الإفصاح أن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة ، وأن الحق لا يخرج عنهم ، ثم ذكر أن الصحيح في هذه المسألة أن قول من قال : إنه لا يجوز تولية مجتهد فإنه إنما عني به ما كانت الحال عليه قبل استقرار ما استقرت عليه هذه المذاهب .

وقال الموفق في خطبة المفتي : النسبة إلى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة فإن اختلافهم رحمة ، واتفاقهم حجة قاطعة ( واختار في الإفصاح والرعاية أو مقلدا ) قال في الإنصاف : ( وعليه عمل الناس من مدة طويلة وإلا تعطلت أحكام الناس وكذا المفتي ) قال ابن يسار ما أعيب من يحفظ خمس مسائل لأحمد يفتي بها ، وظاهر نقل عبد الله مفت غير مجتهد ذكره القاضي وحمله الشيخ تقي الدين على الحاجة ( فيراعي كل منهما ألفاظ إمامه و ) يراعي من أقواله [ ص: 296 ] ( متأخرا ويقلد كبار مذهب في ذلك ويحكم به ولو اعتقد خلافه لأنه مقلد ) ولا يخرج عن الظاهر عنه .

( قال الشيخ منصب الاجتهاد ينقسم ) أي يقبل الانقسام بأن يكون مجتهدا في شيء دون شيء ( حتى لو ولاه في المواريث لم يجب أن يعرف إلا الفرائض والقضايا وما يتعلق بذلك ، وإن ولاه عقود الأنكحة وفسخها لم يجب أن يعرف إلا ذلك وعلى هذا فقضاة الأطراف يجوز أن لا يقضوا في الأمور الكبار كالدماء والقضايا المشكلة وعلى هذا لو قال : اقض فيما نعلم كما يقول له : فيما تعلم جاز ويبقى ما لا يعلم خارجا عن ولايته انتهى ومثله لا تقضي فيما مضى له عشر سنين ونحوه ) لخصوص ولايته .

التالي السابق


الخدمات العلمية