وثيقة المدينة (المضمون والدلالة)

أحمد قائد الشعيبي

صفحة جزء
خامسا: مدى توافق بنود «الوثيقة» مع نصوص الكتاب والسنة

إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انفرد من بين جميع الأنبياء بأن عقد أكبر وأعظم وثيقة سياسية لم يسبقه إليها نبي ولم تتجاوزها في روحها ودلالتها أي وثيقـة تاريخـية معروفة الـيوم، فلنا أن نتسـاءل -إذا كان الأمر كما أسلفنا- عن مدى توافق بنودها مع نصوص الوحي؟

وللإجابة عن ذلك نشير إلى أن هـذه «الوثيقة» الحضارية التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ بزوغ فجر الإسلام بالمدينة المنورة، واستكتبها أصحابه، ثم جعلها الأساس المتفق عليه في ما بين المسلمين وجيرانهم اليهود والوثنيين من سكان المدينة، تتفق بنودها مع النصوص الإسلامية التأسيسية (المقدسة) في المبادئ العامة من حيث وجوب اعتبار المسلمين أمة واحدة من دون الناس، ومن حيث التراحم والتعاون بينهم، ومن حـيث الاحتفاظ برابطة الولاء وما يترتب عليها من حقوق الموالاة، ثم من حيث مراعاة حقوق القرابة والصحبة والجوار، وكذلك تحديد المسئولية الشخصية والبعد عن ثارات الجاهلية وحميتها، وفي وجوب الخضوع للقانون ورد الأمر إلى الدولة بأجهزتها للتصرف في الأمور، في شئون الحرب والسلم... وكذلك معاونة الدولة في إقرار النظام، والأخذ على يد الظالم، وعدم نصرة المحدث أو إيوائه >[1] ، وغيرها من القضايا التي شملتها «الوثيقة»، تتوافق مع نصوص الوحي من حيث المعنى. [ ص: 54 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية