منهج النظر المعرفي بين أصول الفقه والتاريخ (الشاطبي وابن خلدون أنموذجا)

الدكتور / الحسان شهيد

صفحة جزء
- ملاحظ:

بعد هذا الجرد المتنوع لأهم تعاريف الاستقراء عند كل من أهل الفلسفة والمنطق من جهة، وأهل الفقه والأصول من جهة أخرى، يمكن الخروج بالملاحظ الآتية:

1- إن الاستقراء في أصله دليل مشترك بين مختلف التخصصات العلمية، فهو منهج بحث وتتبع لجملة أفراد وجزئيات وأنواع ترشد إلى تكوين وصياغة قاعدة عامة، وقانون مطرد يستمر في بيان وكشف حقائق الأمور. [ ص: 35 ]

2- إن منهج الاستقراء في الفلسفة اليونانية، وخاصة المنطق الأرسطي يتفرع عنه استقراء تام يفيد القطع والعلم اليقيني، كما يتفرع عنه استقراء ناقص يفيد الظن، أما جمهور الفقهاء والأصوليين، فالاستقراء الناقص يفيد الظن الراجح الذي يرتقي إلى مرتبة القطع لغلبة الظن فيه. لذلك اعتبر أن الأصوليين وجدوا في الاستقراء منهجهم العلمي >[1] .

3- إن من الأسس المادية للاستقراء في العلوم العقلية، مسألتي الملاحظة والتجربة ثم وضع الفروض، وهذه عناصر أساسية تفضي إلى نتيجة، هي القاعدة أو القانون الاستقرائي، أما في علمي الفقه وأصوله وباقي العلوم الإنسانية فيختلف الأمر في بعضها، إذ يتم التركيز فيهما على تتبع الجزئيات واقتفائها، ومن ثم تعميم النتيجة المتحقق منها في تلك الفروع، وهذا ما يؤدي إلى حكم عام شامل كلي، فالاستقراء إذن:

- عملية علمية استدلالية.

- القائم بها، متخصص في العلم المبحوث فيه.

- منهجه، تتبع وتصفح كل الجزئيات والأفراد للمسألة أو أغلبها.

- غايته، صيـاغة حـكم كلي أو قاعـدة عامة مستغرقة لكل الفروع أو أكثرها.

- فائدته، الاستدلال به على بيان المسائل الأخرى وفهم الخطاب جملة. [ ص: 36 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية