منهج النظر المعرفي بين أصول الفقه والتاريخ (الشاطبي وابن خلدون أنموذجا)

الدكتور / الحسان شهيد

صفحة جزء
3- خاصية المراجعة:

إن ظهور فيلسوف أصول الفقه الإمام الشاطبي وفيلسوف أصول التاريخ العلامة ابن خلدون في مرحلة تاريخية عرفت فتورا وتراجعا علميين >[1] في [ ص: 56 ] مجالات متعددة سيضفي على مطالبهم المختصة بعدا تصحيحيا، واتجاها نقديا، يقول "غاستون بوتول": "فابن خلدون أثرت فيه الأحداث الناجمة عن التدهور السياسي، فظهر أثر ذلك كله في كتابه التاريخي العظيم، وبدا في مقدمته المتفتحة المسهبة كأنه بشير بعلم اجتماعي عتيد" >[2] ، والأمر نفسه يلحظ على "موافقات" و"اعتصام" الشاطبي، الذين يبدو فيهما البعد النقدي جليا للوضع العلمي للفقه والأصول والاجتماعي للتدين والسلوك.

وذلك ما يتجلى بوضوح على دراساتهما الاستقرائية، سواء على المستوى الشرعي أو التاريخي، فعندما نلفي الشاطبي يضمن مسلك الاستقراء خطوتي الاعتراض والتقويم، وهما مسلكان زائدان على خطوات البحث المنهجي الاستقرائي، يتأكد بجلاء نـزعته النقدية والتوجيهية... وعندما نجد ابن خلدون يعقب خلف ذكر كل جزئية من الجزئيات الاستقرائية التاريخية تصحيحا وتقويما وتنقيحا لتمييز الصدق فيها من الكذب، والصحيح منها من الغلط، يتبين مدى رغبته في توجيه الكتابة التاريخية وترشيدها نحو تحري الصدق والصواب فيها.

ومن هذا القبيل مراجعته لمذهب الطرطوشي، الذي أغفل فيه مبدأ العصبية، قائلا: "...واعلم أنه أصح في الاعتبار ممـا ذهب إليه الطرطوشي، ولم يحمله على ذلك إلا نسيان شأن العصبية في حلته وبلده.." [ ص: 57 ] >[3] .

التالي السابق


الخدمات العلمية