فقه التنزيل عند الإمام ابن تيمية

الأستاذة / جميلة حسن تلوت

صفحة جزء
المطلب الأول: فقه الموازنة:

- مفهوم فقه الموازنة:

فقه الموازنة مركب إضافي تتوقف معرفته على معرفة مكونات التركيب، لذلك يلزم تحديد كل مصطلح على حدة حتى تتبين دلالته التركيبية.

1- الفقه:

أ- التعريف المعجمي:

هو الفهم مطلقا >[1] ، وذهب الراغب إلى أن "الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم" >[2] ، وقال ابن منظور: "الفقه العلم بالشيء والفهم له" >[3] .

ب- التعريف المصطلحي:

كانت تطـلق كلمـة الفقـه في العصـر الأول على "معرفة النفس، ما لها وما عليها" >[4] ، ثم تطور المصطلح إلى أن أصبح يطلق ويراد به المعنى الاصطلاحي المحدد، الذي عرفه الأئمة الأربعة، وهو "العلم بالأحكام الشرعية المستنبطة من أدلتها التفصيلية " >[5] ، فهذا المعنى نشأ بعد تمايز العلوم >[6] . [ ص: 137 ]

2- الموازنة:

أ- التعريف المعجمي:

وازنت بين الشيئين موازنة ووزانا، وهذا يوازن هذا، إذا كان على زنته، أو كان محاذيه >[7] ، ووازنه: عادله وقابله، وأيضا حاذاه >[8] .

فالموازنة معجميا تطلق ويراد بها المعادلة والمقابلة وكذا المحاذاة.

وبعـد التعريف الإفرادي لمصطـلحات التركيب، يلزم إعطـاء تعريف تركيبي.

ب- التعريف الاصطلاحي التركيبي:

انطـلاقا من كلام الإمام ابن تيمية يمكن استخراج تعريف للموازنات، فهي: "معرفة مراتب المعروف والمنكر، ومراتب الدليل بحيث يقدم أهمها عند المزاحمة، أعرف المعروفين، وتنكر أنكر المنكرين، وترجح أقوى الدليلين" >[9] .

أو هو "ترجيح خير الخيرين وشر الشرين، وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما" >[10] . [ ص: 138 ]

- ضمائمه:

1- فقه التزاحم:

أ- التعريف المعجمي:

قال ابن فارس: "الزاء والحاء والميم أصل يدل على انضمام في شدة، يقال: زحمه يزحمه وازدحم الناس" >[11] . والزحم: أن يزحم القوم بعضهم بعضا من كثرة الزحام إذا ازدحموا، يقال: زحم القوم بعضهم بعضا يزحمونهم زحما وزحاما: ضايقوهم، وازدحموا وتزاحموا: تضايقوا >[12] .

ب- التعريف المصطلحي:

يعرف الزركشي التزاحم بقوله: "توارد الحقوق وازدحامها على محل واحد" >[13] ، ويعرفه الأستاذ محمد الوكيلي: "هو: التصادم بين حكمين شرعيين في الواقع العملي، على نحو يعجز معه المكلف عن الجمع بينهما، فيضطر إلى اختيار أحدهما وإعطائه الأولوية التنفيذية" >[14] .

فالموازنة تكون عند توارد المصالح والمفاسد وازدحامها على محل واحد. [ ص: 139 ]

2- فقه الأولويات:

أ- التعريف المعجمي:

أصـلها من الولي: وهـو القرب والـدنو >[15] ، وأولاه على اليتيم: أوصاه عليه >[16] .

ب- التعريف المصطلحي:

ويعتبر هذا المصطلح من المصطلحات الجديدة التي لم تكن رائجة عند الفقهاء القدامى، لذلك سيتم الاقتصار على بعض تعاريف المعاصرين.

يعرف الأستاذ محمد الوكيلي فقه الأولويات بقوله: العلم بالأحكام الشرعية، التي لها حق التقديم على غيرها بناء على العلم بمراتبها وبالواقع الذي يتطلبها >[17] .

ويعرفه الأستاذ محمد همام ملحم: العلم بمراتب الأعمال ودرجات أحقياتها في تقديم بعضها على بعض، المستنبط من الأدلة ومعقولها ومقاصدها >[18] .

فعلى هذا يندرج فقه الموازنة ضمن فقه أكبر هو فقه الأولويات، ويكون عند تزاحم المصالح والمفاسد. [ ص: 140 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية