العروج الحضاري بين مالك بن نبي وفتح الله جولن

الأستاذ الدكتور / فؤاد عبد الرحمن البنا

صفحة جزء
سادسا: دائرة الاستدلال والاستدعاء:

في معالجة المفكرين لقضايا التخلف والنهوض الحضاري نجدهما يكثران من استدعاء النماذج والتجارب المؤيدة لكلامهما، ويكثفان من الاستدلال بأقوال العلماء والحكماء والزعماء والفلاسفة.

ومع وجود قائمة طويلة عند الرجلين تضم رموزا من مختلف الديانات والحضارات، إلا أن القارئ يستطيع ببساطة ملاحظة أن أكثر أسماء ابن نبي هي لأعلام أجانب يتوزعون بين مختلف التخصصات العلمية والفلسفية، مثل: أرنست رينان، بلزاك، بوسييه، ديكارت، بيسمارك، جون ديوي، داروين، سبينوزا، سقراط، أفلاطون، أرسطو، لامارتين، فيكتور هوجو، فولتير، ماركس، إنجلز، نيتشة، اينشتين، ماوتسي تونج، هتلر، فرويد، جوستاف لوبون، أرنولد توينبي، ديستويفسكي، طاغور، تولستوي.. والقائمة طويلة.

ونلاحظ تنوع القائمة بين الفلاسفة والأدباء والعلماء والزعماء والمؤرخين والمربين والروائيين، لكن معظم الأسماء لأعلام من أوربا، ولاسيما من فرنسا، وهي الدولة التي احتلت الجزائر، مما يشير إلى أن مالك يفرق بين الوجه الحضاري والوجه الاستعماري للغرب!

وفي هذا المضمار درس أحد الباحثين >[1] "الظاهرة الغربية في الوعي الحضاري" من خلال أنموذج مالك بن نبي، فكان مما توصل إليه أن ابن نبي [ ص: 226 ] يرى أن "دراسة التجارب الحضارية أمر مهم، في سبيل البحث عن حل للأزمة الحضارية للعالم الإسلامي..".

وفي مقابل إكثار مالك من الاستدلال بوقائع ومقولات وأسماء غربية، أكثر جولن من استدعاء وقائع والاستدلال بأسماء تراثية إسلامية، ولاسيما: تركية وعربية وفارسية، وبالذات في مجال التصوف. وأعتقد أن السبب يعود إلى ظهور موجات في تركيا حاولت إحداث قطيعة مع التراث، فحاول أن يعيد الاعتبار لهذا التراث ورموزه وأساطينه.

التالي السابق


الخدمات العلمية