رؤى الإصلاح عند الإمام محمد الخضر حسين (رحمه الله)

الأستاذ الدكتور / المرسي محمود شولح

صفحة جزء
- علاقة الإصلاح بالدعوة:

الدعوة هي: "قيام من عنده أهلية النصح الرشيد والتوجيه السديد من المسلمين في كل زمان ومكان بترغيب الناس في الإسلام، اعتقادا ومنهجا، وتحذيرهم من غيره بطرق مخصوصة" >[1] .

والإصلاح والدعوة بينهما علاقة وثيقة تصل إلى حد التشابك، الذي يصعب معه الفصل، ويجمع بينهما أن الإصلاح توجيه للناس، والدعوة كذلك، فكلاهما يشترك في توجيه الناس وتنبيههم إلى ما يصلحهم في معادهم ومعاشهم.

لكن المصطلح الأوسع دائرة، والأكثر شمولا هو مصطلح الدعوة، ولهذا كان المصـطلح الذي جاء في كتـاب الله تعالى دالا على التوجـيه والإرشـاد، ففي القرآن الكريم يقول تعالى: ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) (فصلت:33) ، ويقول تعالى: ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) (يوسف:108) ، ويقول تعالى: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) (الأحزاب:45).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ) >[2] . [ ص: 53 ]

فالدعوة هي طريقة الإصلاح المناسبة، وهي التي تتولى طريقة الإصلاح وتجلي معالمها، وتحدد ملامحها.

فإذا كان الإصلاح يعنى بالعقيدة، أو بالعبادة، أو التشريع، فإن الدعوة هي التي تحدد طريقة الإصلاح العقدي، أو العبادي، أو التشريعي، فالدعوة والإصلاح من السعة بمكان، ومن الشمول بمكان، وفي إطار الشمول في كل منهما تأخذ الدعوة إطارا أشمل ودائرة أوسع من الإصلاح.

التالي السابق


الخدمات العلمية