رؤى الإصلاح عند الإمام محمد الخضر حسين (رحمه الله)

الأستاذ الدكتور / المرسي محمود شولح

صفحة جزء
- اختيار عنوان رسائل الإصلاح:

رسـائل الإصـلاح يـرجع أمر اخـتـيـارها كعنـوان إلى اسـتجـابـة الإمـام، رحمه الله، لاقتراح طرح عليه من بعض أهل العلم، فهو يقول:

"فقد جرى القلم بتحرير مقالات في أغراض شتي، فاقترح علي بعض أهـل العلم أن أجمعها في سـفر أو أسـفار، حـتى يسـهل تناولها وتكون طوع يـد من يـريد مطـالعتها، فحل هـذا الاقـتراح من النفس محـل القبـول، وأخـذت أجمعها، وأعيد النظر في بعض عباراتها.... ووضع لها اسما وهو رسائل الإصلاح" >[1] .

وقد وفق الإمام، رحمه الله، لهذا العنوان المعبر تماما عن مضمونه، والمجلي بوضوح حقيقة ما تحته، ورجوع الإمام، رحمه الله، إلى غيره فيما كتب دلالة [ ص: 54 ] على تواضعه الجم، وإفادته الكاملة من كل رأي يطرح عليه، ومن كل اقتراح يسدى إليه.

وفي الرجوع دلالة أيضا على العلاقة الطيبة بين الإمام، رحمه الله، وبين أهل العلم الذين أسدوا إليه جميلا، وصنعوا له معروفا في الإشارة عليه بجمع مقالاته، مما كان له الأثر الطيب في حفظ هذه المقالات وإفادة الأجيال المختلفة مما كتب فيها.

ولولا هذا لضاع علم كبير على الأمة، وافتقد صاحبه خيرا عظيما بسبب عزلته عن أهل العلم في عصره، وعدم اعتنائه بمد جسور التعاون معهم، من أجل التلاقح في الآراء والأفكار، والإفادة من المشورة، والأخذ بالنصيحة، فكم في الخلطة الشرعية بين العلماء من خيرات وبركات، وكم في العزلة بين العلماء من شؤم وضرر.

وينبغي أن يكون أهل العلم فيما بينهم على أكمل ما تكون العـلاقة، التي ينعكس خيـرها، ويتجاوز فضـلها، وتتعدى بركتها للأمـة كلـها في كل زمان ومكان.

التالي السابق


الخدمات العلمية