صفحة جزء
996 - مسألة : ولا يحل أكل الحلزون البري ، ولا شيء من الحشرات كلها كالوزغ والخنافس ، والنمل ، والنحل ، والذباب ، والدبر ، والدود كله - طيارة وغير طيارة - والقمل ، والبراغيث ، والبق ، والبعوض وكل ما كان من أنواعها لقول الله تعالى : { حرمت عليكم الميتة } .

وقوله تعالى { إلا ما ذكيتم } .

وقد صح البرهان على أن الذكاة في المقدور عليه لا تكون إلا في الحلق أو [ ص: 77 ] الصدر ، فما لم يقدر فيه على ذكاة فلا سبيل إلى أكله - : فهو حرام ، لامتناع أكله إلا ميتة غير مذكى .

وبرهان آخر - : في كل ما ذكرنا أنهما قسمان - : قسم مباح قتله : كالوزغ ، والخنافس ، والبراغيث ، والبق ، والدبر ; وقسم محرم قتله : كالنمل ، والنحل ، فالمباح قتله لا ذكاة فيه ، لأن قتل ما تجوز فيه الذكاة إضاعة للمال ، وما لا يحل قتله لا تجوز فيه الذكاة - : روينا من طريق الشعبي : { كل ما ليس له دم سائل فلا ذكاة فيه } . ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم { أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا } مع أنه من أخبث الخبائث عند كل ذي نفس .

ومن طريق البخاري نا قتيبة نا إسماعيل بن جعفر نا عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن عبيد بن حنين مولى بني زريق عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم ليطرحه } وذكر الحديث فأمر عليه السلام بطرحه ولو كان حلالا أكله ما أمر بطرحه .

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب : النحلة ، والنملة ، والهدهد ، والصرد } . [ ص: 78 ] ومن طريق أبي داود نا محمد بن كثير أنا سفيان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان { أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء ؟ فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها } .

قال أبو محمد : هذا يقضي على حديث النبي الذي كان قديما فأحرق قرية النمل لأن شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ناسخة لكل دين سلف ، وقد ذكرنا قتل عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم للقردان وهم محرمون .

وصح عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعائشة أم المؤمنين قتل الأوزاغ ; ومن طريق معمر عن قتادة نهى عن قتل الضفدع وأمر بقتل الوزغ .

وعن عمر بن الخطاب أخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم .

فإن ذكر ذاكر حديث غالب بن حجرة عن الملقام بن التلب عن أبيه { صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع للحشرات تحريما } - فغالب بن حجرة ، والملقام مجهولان - ثم لو صح لما كان فيه حجة ، لأنه ليس من لم يسمع حجة على ما قام به برهان النص .

التالي السابق


الخدمات العلمية