صفحة جزء
1073 - مسألة : ومن رمى صيدا فأصابه وغاب عنه يوما أو أكثر أو أقل ، ثم وجده ميتا ، فإن ميز سهمه وأيقن أنه أصاب مقتله حل له أكله وإلا فلا يحل له . وكذلك لو رماه فأصابه ، ثم تردى من جبل أو في ماء ، فإن ميز أيضا سهمه وأيقن أنه أصاب مقتله حل له أكله وإلا فلا - : لما روينا من طريق أحمد بن حنبل نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة حدثني عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : إذا وقعت رميتك في ماء فغرق فمات فلا تأكل } . ومن طريق أحمد بن حنبل نا غندر نا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن { عدي بن حاتم قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إذا عرفت سهمك تعلم أنه قتله لم تر فيه أثرا لغيره فكل } . 1074 -

مسألة : وسواء أنتن أم لم ينتن ، ولا يصح الأثر الذي فيه في الذي يدرك صيده بعد ثلاث فكله ما لم ينتن ، لأنه من طريق معاوية بن صالح ، ولا الخبر الذي فيه { يا رسول الله أفتني في قوسي ؟ قال : كل ما ردت عليك قوسك ذكي وغير ذكي - وإن تغيب عنك - ما لم يضل أو تجد فيه أثرا غير سهمك } لأنه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا ، ولا الأثر الذي فيه { كل ما أصميت ولا تأكل ما أنميت } . وتفسير الإصماء أن تقعصه والإنماء أن يستقل بسهمه حتى يغيب عنه فيجده بعد ذلك ميتا بيوم أو نحوه - وهكذا روينا تفسيره عن ابن عباس : لأن راوي المسند في ذلك محمد بن سليمان بن مسمول - وهو منكر الحديث - عن عمرو بن تميم عن أبيه - وهو منكر الحديث وأبوه مجهول . ولا الخبر الذي فيه { : أن رجلا قال : يا رسول الله رميت صيدا فتغيب عني ليلة فقال عليه السلام : إن هوام الليل كثيرة } لأنه مرسل . [ ص: 157 ] ولا الخبر الذي فيه أنه عليه السلام قال { لو أعلم أنه لم يعن على قتله دواب المعار لأمرتك بأكله } لأنه مرسل ، وفيه الحارث بن نبهان وهو ضعيف . ولا الخبر الذي فيه { أنه عليه السلام قال في الصيد ، إذا غاب مصرعه عنك كرهه } لأنه مرسل . وروينا عن ابن عباس فيمن رمى الصيد فوجد فيه سهمه من الغد قال : لو أعلم أن سهمك قتله لأمرتك بأكله ، ولكنه لعله قتله ترديه أو غيره .

وعن ابن مسعود إذا رمى أحدكم طائرا وهو على جبل فخر فمات فلا تأكله فإني أخاف أن يقتله ترديه أو وقع في ماء فمات فلا تأكله ، فإني أخاف أن يكون قتله الماء . ومثله عن طاوس ، وعكرمة قال : إذا وقع في الماء قبل أن تذكيه . وعن الشعبي أنه لم يأكل من لحم طير رمي فوقع في ماء فمات . وعن عطاء في صيد رمي فلم يزل ينظر إليه حتى مات قال : كله فإن توارى عنك بالهضاب أو الجبال فلا تأكله إذا غاب عنك مصرعه فإن تردى أو وقع في ماء وأنت تراه فلا تأكله . وأما المتأخرون فإن أبا حنيفة قال : إذا توارى عنك الصيد والكلب وهو في طلبه فوجدته وقد قتله جاز أكله ، فلو ترك الرجل الكلب واشتغل بصلاة أو عمل ما ثم رجع إلى الكلب فوجد الصيد مقتولا والكلب عنده كره أكله . وقال مالك : إذا أرسل كلبه أو سهمه فأدركه من يومه فوجده ميتا وفيه جراحة أكله ، فإن بات عنه لم يأكله . وقال الشافعي : القياس إذا غاب عنه أن يأكله . قال أبو محمد : هذه أقوال ساقطة إذ لا دليل على صحة شيء منها ، والمفترض طاعته هو رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إذ ] يقول ما رويناه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا عبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى الثعلبي - عن داود بن أبي هند عن الشعبي أن { عدي بن حاتم قال يا رسول الله أحدنا يرمي الصيد فيقتفي أثره اليومين والثلاثة ، ثم يجده ميتا وفيه سهمه أيأكل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ، إن شاء ، أو قال : يأكل إن شاء } .

[ ص: 158 ] ومن طريق أحمد بن حنبل نا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير { عن عدي بن حاتم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت : يرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين فيجده وفيه سهمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثرا غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله } . قال علي : إذا وجد سهمه قد أنفذ مقتله فقد علم أنه قتله - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية