صفحة جزء
1102 - مسألة :

والانتباذ في الحنتم ، والنقير ، والمزفت ، والمقير ، والدباء ، والجرار البيض ، والسود ، والحمر ، والخضر ، والصفر ، والموشاة ، وغير المدهونة ، والأسقية ، وكل ظرف حلال ، إلا إناء ذهب أو فضة أو إناء أهل الكتاب ، أو جلد ميتة غير مدبوغ ، أو إناء مأخوذا بغير حق .

برهان ذلك : ما رويناه من طريق أحمد بن شعيب أخبرني أبو بكر بن علي هو المقدمي - نا إبراهيم بن الحجاج نا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن عبيد الله بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { كنت نهيتكم عن الأوعية فانتبذوا فيما بدا لكم ، وإياكم وكل مسكر } .

ومن طريق وكيع عن معروف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا }

ومن طريق مسلم بن الحجاج نا الحجاج بن الشاعر نا الضحاك بن مخلد عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن أبي بريدة عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { نهيتكم عن الظروف وإن الظروف ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه وكل مسكر حرام }

ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الظروف فقالت الأنصار : إنه لا بد لنا منها . قال : فلا إذا } .

فصح أن إباحة ما نهى عنه من الظروف ناسخة للنهي ، وقد كان عليه السلام نهى عنها ، فقد صح عن طريق ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه نهى عن الانتباذ والشرب في الحنتم ، والمقير ، والدباء ، والمزادة المجبوبة ، وكل شيء صنع من مدر ، والجر } . [ ص: 224 ]

وصح من طريق أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن ذلك كله إلا أنه لم يذكر { كل شيء صنع من مدر } . وصح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن ذلك كله إلا أنه لم يذكر المزادة المجبوبة وذكر الجر .

وصح من طريق أبي سعيد الخدري ، وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه { نهى عن المزفت ، والحنتم ، والنقير ، والجر } .

وصح عن عائشة أم المؤمنين ، وعلي بن أبي طالب ، وأنس ، وعبد الرحمن بن يعمر كلهم { عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن الدباء والمزفت } .

ومن طريق عائشة أيضا مسندا عن الجر . وعن صفية أم المؤمنين : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر } .

وصح من طريق عبد الله بن أبي أوفى { عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن الجر الأخضر والأبيض } .

ومن طريق ابن الزبير { أنه عليه السلام : نهى عن الجر } . فهؤلاء أحد عشر من الصحابة رضي الله عنهم رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي ، ورواه عنهم أعداد كثيرة من التابعين ، وهذا نقل تواتر ولم يأت النسخ إلا من طريق ابن بريدة عن أبيه . ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن جابر فقط - وقد ثبت على تحريم ما صح النهي عنه من ذلك : عمر بن الخطاب ، وعلي ، وابن عمر ، وأبو سعيد الخدري .

واختلف فيه عن ابن مسعود ، وعن ابن عباس .

واختلف التابعون أيضا . وعهدنا بالحنفيين يقولون : إنه إذا جاء خبران أحدهما نقل تواتر ، والآخر نقل آحاد : أخذنا بالتواتر ، وتناقضوا ههنا .

وقال مالك : أكره أن ينبذ في الدباء ، والمزفت فقط ، وأباح الجر كله غير [ ص: 225 ] المزفت ، والحنتم ، والمقير - وهذا فاسد جدا ; لأنه قول بلا برهان ولا نعلم أحدا قبله قسم هذا التقسيم .

قال أبو محمد : وقد ذكرنا : فيما يحل أكله ويحرم تحريم النبي صلى الله عليه وسلم الأكل .

والشرب في إناء الذهب أو الفضة أو إناء أهل الكتاب إلا أن لا يوجد غيره فيغسل بالماء ويحل ذلك فيه حينئذ ، والبرهان على تحريم استعمال الإناء المأخوذ بغير حق وذكرنا في " كتاب الطهارة " تحريم جلد الميتة قبل أن يدبغ ، فبقي كل هذا على التحريم لصحة البرهان بأن كل ذلك لم ينسخ مذ حرم - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية