صفحة جزء
1104 - مسألة : وكل ما ذكرنا أنه لا يحل شربه فلا يحل بيعه ولا إمساكه ، ولا الانتفاع به ، فمن خلله فقد عصى الله عز وجل - وحل أكل ذلك الخل ، إلا أن ملكه قد سقط عن الشراب الحلال إذا أسكر وصار خمرا فمن سبق إليه من أحد بغلبة أو بسرقة فهو حلال ، إلا أن يسبق الذي خلله إلى تملكه فهو حينئذ له ، كما لو سبق إليه غيره ، ولا فرق ; لما روينا من طريق مسلم نا عبيد الله بن عمر القواريري نا عبد الأعلى أبو همام نا سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة قال : يا أيها الناس إن الله تعالى يعرض بالخمر ، ولعل الله سينزل فيها أمرا فمن كان عنده منها شيء فليبعه ولينتفع به ؟ فما لبثنا إلا يسيرا حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع ، قال : فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها } .

ومن طريق ابن وهب عن مالك ، وسليمان بن بلال ، قال مالك : عن زيد بن أسلم ، وقال سليمان : عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، ثم اتفق زيد ، ويحيى ، كلاهما عن عبد الرحمن بن وعلة السبائي من أهل مصر عن ابن عباس { أن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علمت أن الله حرمها ؟ قال : لا ، فسار [ ص: 226 ] إنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذي حرم شربها حرم بيعها ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها } والذي ذكرناه قبل من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب ما ينبذ له ثلاثة أيام ، ثم يأمر بأن يشرب أو يهرق وهو عليه السلام قد نهى عن إضاعة المال فلو كان ما حرم مالا لما أضاعه عليه السلام ، فإذ ليس مالا فقد سقط ملك صاحبه عنه ، فإذ سقط عنه ثم عاد إلى أن صار خلا فلا يجوز أن يعود ملكه على ما لا ملك له عليه بغير أن يتملكه إلا بنص ، ولا نص في ذلك فهو لمن سبق إليه كسائر ما لا يملكه أحد من الصيد والحطب وغير ذلك - : وقال أبو حنيفة : ملكها جائز وتخليلها جائز - : وهذا باطل لما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق .

وقال مالك : إن تعمد تخليل الخمر لم يحل أكل ذلك الخل فإن تخللت دون أن تخلل حل أكلها - وقال أبو ثور : لا تؤكل تخللت أوخللت .

وقولنا في ملكها هو قول أبي حنيفة ، وأبي سليمان .

روينا من طريق ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية عن التميمي عن أم خداش أنها رأت علي بن أبي طالب يصطبغ بخل خمر .

ابن أبي شيبة عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح أبي الزاهرية عن جبير بن نفير قال : اختلف اثنان من أصحاب معاذ في خل الخمر فسألا أبا الدرداء ؟ فقال : لا بأس به .

ابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن مسربل العبدي عن أمه قالت : سألت عائشة أم المؤمنين عن خل الخمر ؟ فقالت : لا بأس به هو إدام .

ومن طريق وكيع عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر : أنه كان لا يرى بأسا بأكل ما كان خمرا فصار خلا .

ومن طريق حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن ابن سيرين قال : لا بأس بخل الخمر - وهو قول الحسن ، وسعيد بن جبير - ولا نعلم مثل تفريق مالك عن أحد قبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية