صفحة جزء
1124 - مسألة : ومن مات وعليه نذر ففرض أن يؤدى عنه من رأس ماله قبل ديون الناس كلها ، فإن فضل شيء كان لديون الناس لقول الله تعالى : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } فعم تعالى ولم يخص .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرناه في " كتاب الصيام " " وكتاب الحج " { دين الله أحق أن يقضى } . [ ص: 277 ] ومن طريق البخاري نا أبو اليمان هو الحكم بن نافع - أنا شعيب هو ابن أبي حمزة - عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عباس أخبره { أن سعد بن عبادة الأنصاري استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فأفتاه عليه السلام أن يقضيه عنها } فكانت سنة بعده .

قال أبو محمد : إن من رغب عن فتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسارع إلى قبول فتيا أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي : لمخذول محروم من التوفيق - ونعوذ بالله من الضلال .

والعجب من احتجاجهم في أن في ثلاثة أصابع تقطع للمرأة ثلاثين من الإبل ، وفي أربع أصابع تقطع لها عشرين من الإبل ، لقول سعيد بن المسيب تلك السنة - ثم لا يرى قول ابن عباس ههنا ، أو عبيد الله بن عبد الله ، أو الزهري - فكانت سنة حجة لبعيد من القول بالحق .

روينا من طريق ابن أبي شيبة نا أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن عامر بن مصعب أن عائشة أم المؤمنين اعتكفت عن أخيها بعدما مات .

ومن طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أمه نذرت اعتكافا فماتت ولم تعتكف فقال له ابن عباس : اعتكف عن أمك .

ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إذا مات وعليه نذر قضاه عنه وليه ، وهو قول طاوس ، وغيره .

ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال : سألت عطاء عمن نذر جوارا أو مشيا فمات ولم ينفذ ؟ قال : ينفذه عنه وليه ، قلت : فغيره من ذوي قرابته ؟ قال : نعم ، وأحب إلينا الأولياء .

قال أبو محمد : فإن كان نذر صلاة صلاها عنه وليه ، أو صوما كذلك ، أو حجا كذلك ، أو عمرة كذلك ، أو اعتكافا كذلك ، أو ذكرا كذلك ، وكل بر كذلك - فإن أبى الولي استؤجر من رأس ماله من يؤدي دين الله تعالى قبله - وهو قول أبي سليمان وأصحابنا - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية