صفحة جزء
1128 - مسألة : ومن حلف بما ذكرنا أن لا يفعل أمرا كذا ، أو أن يفعل أمرا كذا فإن وقت وقتا مثل : غدا ، أو يوم كذا ، أو اليوم أو في وقت يسميه ، فإن مضى ذلك الوقت ولم يفعل ما حلف أن يفعله فيه عامدا ذاكرا ليمينه ، أو فعل ما حلف أن لا يفعله فيه عامدا ذاكرا ليمينه ، فعليه كفارة اليمين .

هذا ما لا خلاف فيه من أحد ، وبه جاء القرآن والسنة ، فإن لم يوقت وقتا في قوله : لأفعلن كذا ، فهو على البر أبدا حتى يموت .

وكذلك لو وقت وقتا ، ولا فرق ، ولا حنث عليه ، وهذا مكان فيه خلاف - : قال مالك : هو حانث في كلا الأمرين وعليه الكفارة .

وقال الشافعي : هو على البر إلى آخر أوقات صحته التي يقدر فيها على فعل ما حلف أن يفعله ، فحينئذ يحنث وعليه الكفارة .

وقال أبو ثور ، وأبو سليمان كقولنا .

قال أبو محمد : فنسأل من قال بقول مالك : أحانث هو ما لم يفعل ما حلف أن يفعله أم بار ؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث ، فإن قالوا : هو بار ؟ قلنا : صدقتم ، وهو قولنا لا [ ص: 284 ] قولكم - وإن قالوا : هو حانث ؟ قلنا : فأوجبوا عليه الكفارة ، وطلاق امرأته في قولكم - إن كان حانثا - وهم لا يقولون بذلك .

فظهر يقين فساد قولهم بلا مرية ، وأن قولهم : هو على حنث ، وليس حانثا ، ولا حنث بعد - : كلام متناقض في غاية الفساد والتخليط .

وأما قول الشافعي فخطأ ; لأنه أوجب الحنث بعد البر بلا نص ولا إجماع - ولا يقع الحنث على ميت بعد موته - فلاح أن قوله دعوى بلا برهان - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية