صفحة جزء
1129 - مسألة : وأما الحلف بالأمانة ، وبعهد الله وميثاقه ، وما أخذ يعقوب على بنيه ، وأشد ما أخذ أحد على أحد ، وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق المصحف ، وحق الإسلام ، وحق الكعبة ، وأنا كافر ، ولعمري ، ولعمرك ، ولأفعلن كذا ، وأقسم ، وأقسمت ، وأحلف ، وحلفت ، وأشهد ، وعلي يمين ، أو علي ألف يمين ، أو جميع الأيمان تلزمني - : فكل هذا ليس يمينا - واليمين بها معصية ، ليس فيها إلا التوبة والاستغفار ; لأنه كله غير الله - ولا يجوز الحلف إلا بالله .

قال أبو محمد : والعجب ممن يرى هذه الألفاظ يمينا ، ويرى الحلف بالمشي إلى مكة ، وبالطلاق ، وبالعتق ، وبصدقة المال : أيمانا - ثم لا يحلف في حقوق الناس من الدماء ، والفروج ، والأموال ، والأبشار بشيء من ذلك - وهي أوكد عندهم - ; لأنها لا كفارة لها ، ويحلفونهم بالله ، وفيه الكفارة ، أليس هذا عجبا ؟ ولئن كانت أيمانا عندهم - : بل من أغلظ الأيمان وأشدها - : فالواجب أن يحلفوا الناس بالأيمان الغليظة ، ولئن كانت ليست أيمانا فلم يقولون : إنها أيمان ؟ حسبنا الله ، وهو المستعان .

وفي كل ما ذكرنا خلاف قديم من السلف يرون كل ذلك أيمانا روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا أبو عوانة عن ليث عن مجاهد عن ابن مسعود قال : لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقا .

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي سلمة عن وبرة قال : قال ابن مسعود ، أو ابن عمر : لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا . [ ص: 285 ] ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج سمعت عبد الله بن أبي مليكة سمعت ابن الزبير يقول : إن عمر قال له - وقد سمعه يحلف بالكعبة - : لو أعلم أنك فكرت فيها قبل أن تحلف لعاقبتك ، احلف بالله فأثم أو ابرر

التالي السابق


الخدمات العلمية