صفحة جزء
1131 - مسألة : ولغو اليمين لا كفارة فيه ، ولا إثم ، وهو وجهان - :

أحدهما : ما حلف عليه المرء - وهو لا يشك في أنه كما حلف عليه - ثم تبين له أنه بخلاف ذلك - وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وأبي سليمان .

والثاني : ما جرى به لسان المرء في خلال كلامه بغير نية فيقول في أثناء كلامه : لا والله ، وأي والله - وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان .

قال الله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } .

وصح من طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : ربما قال ابن عمر لبعض بنيه : لقد حفظت عليك في هذا المجلس أحد عشر يمينا ، ولا يأمره بكفارة .

ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أنا عطاء أنه سمع عائشة أم المؤمنين وقد سألها عبيد بن عمير عن قول الله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : هو قول الرجل لا والله ، وبلى والله .

ومن طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت في اللغو : هو قول القوم يتدارءون في الأمر يقول هذا : لا والله ، وبلى والله ، وكلا والله ، ولا تعقد عليه قلوبهم .

وهو قول القاسم بن محمد ، وعطاء ، وإبراهيم ، والشعبي ، وعكرمة ، ومجاهد ، وطاوس ، والحسن ، والزهري ، وأبي قلابة ، وغيرهم .

ومن طريق ابن عباس - ولا يصح عنه ; لأنه من طريق الكلبي - : لغو اليمين هو قول الرجل هذا والله فلان ، وليس بفلان .

وهو أيضا قول الحسن ، وإبراهيم ، والشعبي ، ومجاهد ، وقتادة ، وزرارة بن أوفى [ ص: 287 ] وسليمان بن يسار ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، والحسن بن حي ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم .

قال أبو محمد : أما قول المرء : لا والله ، وأي والله بغير نية ، فأمره ظاهر لا إشكال فيه ; لأنه نص القرآن ، كما قالت أم المؤمنين رضي الله عنها .

وأما من أقسم على شيء وهو يرى ، ولا يشك في أنه كما حلف عليه ، فإنه لم يعمد الحنث ، ولا قصد له ، ولا حنث إلا على من قصد إليه إلا أن هذا مما تناقض فيه الحنفيون ، والمالكيون ، فأسقطوا الكفارة ههنا ، وأوجبوها على فعل ما حلف عليه ناسيا أو مكرها ، ولا فرق بين شيء من ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

والعجب أيضا - أنهم رأوا اللغو في اليمين بالله تعالى ، ولم يروه في اليمين بغيره تعالى ، كالمشي إلى مكة ، والطلاق ، والعتق ، وغير ذلك .

وقد جاء أثر بقولنا : رويناه من طريق أبي داود السجستاني نا حميد بن مسعدة نا حسان هو ابن إبراهيم - نا إبراهيم هو الصائغ - عن عطاء بن أبي رباح قال : { اللغو في اليمين قالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم هو كلام الرجل في بيته : كلا والله ، وبلى والله } وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية