1159 - مسألة : 
ومن 
حلف ألا يساكن من كان ساكنا معه من امرأته أو قريبه أو أجنبي فليفارق التي هو فيها إلى غيرها ، ولا يحنث . 
فإن أقام مدة يمكنه فيها أن لا يساكنه فلم يفارقه حنث - فإن رحل كما ذكرنا مدة - قلت - أو كثرت ثم رجع لم يحنث . 
وتفسير ذلك - : إن كانا في بيت واحد أن يرحل أحدهما إلى بيت آخر من تلك الدار أو غيرها ، وإن كانا في دار واحدة رحل أحدهما إلى أخرى متصلة بها أو متنابذة أو اقتسما الدار - وإن كانا في محلة واحدة رحل أحدهما إلى أخرى - وإن كانا في مدينة واحدة أو قرية واحدة خرج أحدهما عن دور القرية أو دور المدينة لم يحنث ، وإن رحل أحدهما بجسمه وترك أهله وماله وولده لم يحنث ; إلا أن يكون له نية تطابق قوله فله ما  
[ ص: 323 ] نوى . وهذا كله قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان    . 
وكل ما ذكرنا مساكنة وغير مساكنة ، فإن فارق تلك الحال فقد فارق مساكنته وقد بر ، ولا يقدر أحد على أكثر ، لأن الناس مساكن بعضهم لبعض في ساحة الأرض ، وفي العالم ، قال تعالى : { 
وله ما سكن في الليل والنهار   } . 
وقد افترض الله عز وجل على 
المهاجرين  الرحلة عن 
مكة  ودار الكفر إلى 
المدينة  فكان من خرج منهم بنفسه قد أدى ما عليه وفارق وطن الكفر وأكثرهم ترك أهله . وولده وماله 
بمكة  ، وفي دار قومه فلم يخرجهم ذلك عن الهجرة ومفارقة الكفار . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك    : يحنث حتى يرحل بأكثر رحيله - وهذا خطأ لما ذكرنا ، ولأنه قول بلا دليل . 
واحتج بعض مقلديه بما روى : { 
المرء مع رحله   } وهذا لا يسند ; ثم لو صح لكان حجة عليهم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرو أنه قال إلا في رحل ناقته فقط لا في رحيل منزله ، بل تركه 
بمكة  بلا شك ، ولم يخرج إلا بجسمه .