صفحة جزء
1164 - مسألة :

ومن حلف أن لا يأكل شحما حنث بأكل شحم الظهر والبطن ، وكل ما يطلق عليه اسم شحم ، ولم يحنث بأكل اللحم المحض وهذا قول الشافعي ، وأبي سليمان .

وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا يحنث إلا بشحم البطن وحده ، ولا يحنث بشحم الظهر . [ ص: 325 ]

وقال مالك : من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما حنث ، ومن حلف أن لا يأكل شحما فأكل لحما يحنث : واحتج أصحاب أبي حنيفة بأن الله تعالى قال : { ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما } قالوا : فكان ذلك على شحم البطن خاصة .

قال أبو محمد : وهذا احتجاج محال عن موضعه ، لأنه لم يخص شحم البطن بالتحريم عليهم بنفس هذا اللفظ لكن بما بعده من قوله تعالى : { إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم } فبهذا خص شحم البطن بالتحريم ولولا ذلك لحرمت الشحوم كلها فالآية حجة عليهم .

واحتج المالكيون بأن قالوا : حرم الله تعالى لحم الخنزير فحرم شحمه ، وحرم على بني إسرائيل الشحم فلم يحرم اللحم .

وقالوا : الشحم متولد من اللحم وليس اللحم متولدا من الشحم .

قال أبو محمد : وهذان الاحتجاجان في غاية التمويه بالباطل ، لأن تحريم شحم الخنزير لم يحرم من أجل تحريم لحمه ، لكن ببرهان آخر قد ذكرناه في " باب ما يحل أكله ويحرم " .

ولو كان تحريم شحم الخنزير من أجل تحريم لحمه دليلا على أن من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما حنث - لكان تحريم لبن الخنزيرة وعظمها على قولهم من أجل تحريم لحمها موجبا للحنث على من حلف أن لا يأكل لحما فشرب لبنا ولا فرق ، وهم لا يقولون هذا .

وأما قولهم : إن الشحم تولد من اللحم ، فيقال لهم فكان ماذا ؟ أليس اللحم ، واللبن متولدين من الدم ، والدم حرام ، وهما حلالان ؟ أوليس الخمر متولدة من العصير والخل متولدة من الخمر وهي حرام ، وما تولدت منه حلال ، وما تولد منها حلال ، فبطل قولهم - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية