صفحة جزء
. 1167 - مسألة :

ومن حلف أن لا يأكل عنبا فأكل زبيبا أو شرب عصيرا ، أو أكل ربا أو خلا لم يحنث .

وكذلك من حلف أن لا يأكل زبيبا لم يحنث بأكل العنب ولا بشرب نبيذ الزبيب وأكل خله .

وكذلك القول في التمر ، والرطب ، والزهو ، والبسر ، والبلح ، والطلع والمنكت ، ونبيذ كل ذلك وخله ، وذو شائبة ، وناطفة : لا يحنث .

ومن حلف أن لا يأخذ شيئا منها حنث بأكل سائرها - ولا يحنث بشرب ما يشرب منها - وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ، لأن اسم كل واحد منها لا يطلق على الآخر ، والعالم كله بعضه متولد من بعض ونحن مخلوقون من تراب وماء .

فلو أن امرأ حلف أن لا يدخل في داره حيوانا فأدخل التراب والماء لم يحنث بلا خلاف منا ومن غيرنا .

وقال مالك : من حلف أن لا يأكل عنبا فأكل زبيبا أو شرب عصيرا حنث ، ولا يحنث بأكل الخل - فكان هذا عجبا جدا ، وكان احتجاجهم لهذه القولة أعجب منها ، لأنهم قالوا : أمر الخل بعيد ، وليت شعري ما معنى " بعيد " ؟ فإن قالوا : إن بين العنب وبين الخل درجتين : العصير ، والخمر ؟ [ ص: 327 ] قلنا : فكان ماذا ؟ ومن الذي جعل كون درجتين بين الخل والعنب علة في التحليل ؟ وحاشا لله من هذا الحكم الفاسد - فما زادونا على أن جعلوا دعواهم حجة لدعواهم وقد تناقضوا من قرب ، فحنثوا من أكل جبنا يابسا وقد حلف أن لا يأكل لبنا وبين الجبن اليابس واللبن درجتان ، وهما العقيد ، والجبن الرطب .

فإن قالوا : كل ذلك عين واحدة ؟ قلنا : والخل ، والعصير ، والخمر : عين واحدة ، إلا أن أحكامها اختلفت باختلاف صفاتها ولا مزيد .

وكذلك السمن بينه وبين اللبن درجتان : الرائب ثم الزبدة ، وقد يترك العنب في الظروف من أيامه إلى أيام الربيع ثم يعصر خلا محضا ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية