1215 - مسألة : 
فإن 
مات الرهن ، أو تلف ، أو أبق ، أو فسد ، أو كانت أمة فحملت من سيدها ، أو أعتقها ، أو باع الرهن ، أو وهبه ، أو تصدق به ، أو أصدقه   - : فكل ذلك نافذ ، وقد بطل الرهن وبقي الدين كله بحسبه ، ولا يكلف الراهن عوضا مكان شيء من ذلك ، ولا يكلف المعتق ولا الحامل استسعاء ، إلا أن يكون الراهن لا شيء له من أين ينصف غريمه غيره ، فيبطل عتقه ; وصدقته ، وهبته - ولا يبطل بيعه ولا إصداقه . 
روينا من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل  عن 
المغيرة بن مقسم الضبي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي  فيمن 
رهن عبده ثم أعتقه ؟ قال : العتق جائز ، ويتبع المرتهن الراهن ، قال 
يحيى    : وسمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي  يقول فيمن رهن عبدا ثم أعتقه : العتق جائز ، وليس عليه سعاية . 
برهان ذلك - : أن الدين قد ثبت فلا يبطله شيء إلا نص قرآن ، أو سنة ، فلا سبيل إلى وجود إبطاله فيهما . 
ولا يجوز تكليف عوض ولا استسعاء ، لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم والذمم بريئة إلا بنص قرآن ، أو سنة . 
فأما العتق ، والبيع ، والهبة ، والإصداق ، والصدقة ; فإن الرهن مال الراهن بلا خلاف - : وكل هذه الوجوه مباحة للمرء في ماله بنص القرآن والسنة ، والإجماع المتيقن ، إلا من لا شيء له غير ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=28826كل معروف صدقة   } وقوله : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50236الصدقة عن ظهر غنى   } .  
[ ص: 372 ] فمن ادعى أن الارتهان يمنع شيئا من ذلك فقوله باطل ، ودعواه فاسدة إذ لا سبيل له إلى قرآن ولا سنة ، بتصحيح دعواه . 
قال تعالى : { 
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين   } . 
وقد اختلفوا في ذلك - : فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان    : العتق باطل بكل حال - وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي    : إن كان موسرا نفذ عتقه وكلف قيمة يجعلها رهنا مكانه ، وإن كان معسرا فالعتق باطل . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل    : العتق نافذ على كل حال ، فإن كان موسرا كلف قيمته تكون رهنا ، وإن كان معسرا لم يكلف قيمته ، ولا كلف العبد استسعاء ونفذ العتق . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة    : العتق نافذ بكل حال ، ثم قسم كما نذكر بعد هذا . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    : إن رهن أمة له فوطئها فحملت ، فإن كان موسرا خرجت من الرهن وكلف رهنا آخر مكانها ، وإن كان معسرا ، فمرة قال : تخرج من الرهن ولا يكلف رهنا مكانها ولا تكلف هي شيئا - ومرة قال : تباع إذا وضعت ولا يباع الولد ، وتكليف رهن آخر - : والتفريق هاهنا بين الموسر والمعسر ، وبيعها بعد وضعها دون ولدها - أقوال فاسدة بلا برهان . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور    : هي خارجة من الرهن ، ولا يكلف لا هو ولا هي شيئا سواء معسرا كان أو موسرا . 
وروينا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة    : أنها تباع هي ، ويكلف سيدها أن يفتك ولده منها . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : افتكاك الولد لا ندري وجهه ، ولئن كان مملوكا فلأي معنى يكلف والده افتكاكه ؟ وإن كان حرا فلم يباع حتى يحتاج إلى افتكاكه . 
وروينا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة    : أنها تستسعى - وكذلك العبد المرهون إذا أعتق . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : وهذا عجب : وما ندري من أين حل أخذ مالهما وتكليفهما غرامة لم يكلفهما الله تعالى قط إياها ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وما جعل الله تعالى فيهما شركا للمرتهن فيستسعى له ؟  
[ ص: 373 ] وأما 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  فقال : إن كان موسرا كلف أن يأتي بقيمتها فتكون القيمة رهنا وتخرج هي من الرهن ، وإن كان معسرا فإن كانت تخرج إليه وتأتيه فهي خارجة من الرهن ، ولا تتبع بغرامة ولا يكلف هو رهنا مكانها ، ولكن يتبع بالدين الذي عليه فقط ، وإن كان تسور عليها بيعت هي وأعطي هو ولده منها . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : في هذا القول خمسة أوجه من الخطإ - : وهي : تفريقه بين المعسر ، والموسر ، في ذلك والحق عليهما واحد . 
وتكليفه إحضار قطعة من ماله لترهن لم يعقد قط فيها رهنا . 
وتفريقه بين خروجها إلى سيدها وبين تسوره عليها . 
وهما آمنة في كلا الوجهين ، وهي مرهونة في كلا الوجهين ، وهذا عجب جدا . 
وبيعه إياها وهي أم ولد ، وإخراجه ولدها من حكم الرهن بلا تكليف عوض بخلاف الأم ، وكلاهما عنده لا يجوز رهنهما . 
وكل هذه أوجه فاحشة الخطإ لا متعلق لها فيها بقرآن ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا إجماع ، ولا دليل ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه ، ولا قول صاحب - نعم ، ولا قول أحد نعلمه قبله . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة  ، وأصحابه إن حملت فأقر بحملها ، فإن كان موسرا خرجت من الرهن وكلف قضاء الدين إن كان حالا ، أو كلف رهنا بقيمتها إن كان إلى أجل . 
فإن كان معسرا كلفت أن تستسعى في الدين الحال بالغا ما بلغ ، ولا ترجع به على سيدها ، ولا يكلف ولدها سعاية ، فإن كان الدين إلى أجل كلفت أن تستسعى في قيمتها فقط ، فجعلت رهنا مكانها ، فإذا حل أجل الدين كلفت من ذي قبل أن تستسعى في باقي الدين إن كان أكثر من قيمتها . 
قالوا : فإن كان السيد استلحق ولدها بعد وضعها له - وهو معسر - قسم الدين على قيمتها يوم ارتهنها ، وعلى قيمة ولدها يوم استلحق ، فما أصاب الأم سعت فيه بالغا ما بلغ للمرتهن ، ولم ترجع به على سيدها ، وما أصاب الولد سعى في الأقل من الدين أو قيمته ورجع به على أبيه ويأخذ المرتهن كل ذلك . 
قالوا : فلو كان الرهن عبدا فأعتقه نفذ فيه العتق ، وخرج من الرهن .  
[ ص: 374 ] فإن كان الراهن موسرا والدين حالا كلف غرم الدين . 
فإن كان الدين إلى أجل كلف السيد قيمة العبد تكون رهنا مكانه . 
فإن كان معسرا استسعي العبد في الأقل من قيمته أو الدين ، ورجع به على سيده ، ورجع المرتهن على الراهن بباقي دينه . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : إن في هذه الأقوال لعبرة لمن اعتبر - ونعوذ بالله من الخذلان - وإن من العجب تفريقه بين ما تستسعى فيه الأم وبين ما يستسعى فيه العبد المعتق ، وبين ما يستسعى فيه الولد - وهو عنده حر لاحق النسب - فما بال أمة خرجت أم ولد من سيدها بوطء مباح . 
وما بال إنسان حر ابن حر ولد على فراش أبيه . 
وما بال عبد عتق يكلفون الغرامات دون جناية جنوها ولا ذنب اقترفوه فتستباح أموالهم بالباطل ، ويكلفون ما لم يكلفهم الله تعالى به قط ولا رسوله عليه السلام ، ولا أحد من المسلمين قبل 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ثم يكلفونهم ما ذكرنا ، ويسلمون صاحب الجناية عندهم من الغرامة ؟ ما شاء الله كان . 
وكل ما يدخل على 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  مما ذكرنا قبل فإنه يدخل على 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  إلا فرق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  بين خروجها إليه وبين تسوره عليها . 
ويزيد من التناقض والفساد في قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  تفريقه بين الدين الحال والمؤجل في ذلك - وتفريقه بين ما تكلفه الأم وبين ما يكلفه الولد . 
وتفريقه بين إقراره بالحمل وبين إقراره بالولد بعد الوضع فيما يكلفه من الاستسعاء في الحالين . 
وتفريقه بين ما تكلفه أم الولد وبين ما يكلفه العبد بعتق . 
وتفريقه بين الرجوع مرة على السيد بما غرم الغارم منهم وبين منعهم من الرجوع عليه مرة بذلك . 
وأغرب من ذلك كله قوله : إن الولد يستسعى ، فليت شعري إلى متى بقي هذا الدين المسخوط حتى ولد المحمول به ، وحتى فطم ، وكبر ، وبلغ ، وتصرف ؟ أفإن مات قبل ذلك ماذا يكون ؟ كل هذا بلا دليل أصلا ، لا من قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ،  
[ ص: 375 ] ولا قول أحد من ولد آدم قبلهم ، ولا قياس أصلا ، ولا رأي له وجه ما مثل عقول أنتجت هذه الأقوال بمأمونة على تدبير نواة محرقة ، فكيف على التحكم في الدين ؟ وإن نعم الله تعالى علينا لعظيمة في توفيقه لنا إلى اتباع كتابه ، وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم . 
ولا يموهون بأن يقول : قسنا ذلك على الاستسعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العبد المشترك يعتقه سيده وهو معسر ، فإن ذلك الحكم في عبد يملكه اثنان فصاعدا وليس هاهنا مالك غير المعتق عبده والمولد أمته . 
ولو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل ، لأنه قياس حكم على ما لا يشبهه ، وعلى ما ليس منه في ورود ولا في صدر ؟ قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : ثم نسألهم ؟ ما الفرق بين عتقه وهبته وبيعه وإصداقه ، إذ أجزتم البيع بغير إجماع ، ومنعتم من سائر ذلك ؟ وأما 
هلاك الرهن بغير فعل الراهن ولا المرتهن ، فللناس فيه خمسة أقوال - : قالت طائفة : يترادان الفضل - : تفسير ذلك - : أن الرهن إن كانت قيمته وقيمة الدين سواء ، فقد سقط الدين عن الذي كان عليه ولا ضمان عليه في الرهن . 
فإن كانت قيمة الرهن أكثر سقط الدين بمقداره من الرهن وكلف المرتهن أن يؤدي إلى الراهن مقدار ما كان تزيده قيمة الرهن على قيمة الدين . 
وإن كانت قيمة الرهن أقل سقط من الدين بمقداره وأدى الراهن إلى المرتهن فضل ما زاد الدين على قيمة الرهن . 
روينا من طريق 
الحكم  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة    : أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  قال : يتراجعان الفضل - يعني في الرهن يهلك . 
وروي أيضا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر    - وهو قول 
عبيد الله بن الحسن  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه    . 
وقالت طائفة : إن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين أو مثلها فقد بطل الدين كله ، ولا غرامة على المرتهن في زيادة قيمة الرهن على قيمة الدين ، فإن كانت قيمة الرهن أقل من قيمة الدين سقط من الدين بمقدار قيمة الرهن وأدى الراهن إلى المرتهن ما  
[ ص: 376 ] بقي من دينه - : روينا هذا من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  
ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16626علي بن صالح بن حي  عن 
عبد الأعلى بن عامر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب    - : ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  عن 
عبد ربه  عن 
أبي عياض  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  
ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  عن 
إدريس الأودي  عن 
إبراهيم بن عمير  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  يقول : مثل ذلك - وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة    - وبه يقول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة  ، وأصحابه . 
وقالت طائفة : ذهب الرهن بما فيه سواء كان كقيمة الدين أو أقل أو أكثر إذا تلف سقط الدين ولا يغرم أحدهما للآخر شيئا - صح هذا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح  ، 
والشعبي  ، 
والزهري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة    - وصح عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووس  في الحيوان يرتهن - وروينا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي  ، 
والشعبي  فيمن ارتهن عبدا فأعور عنده قالا : ذهب بنصف دينه . 
وقالت طائفة : إن كان الرهن مما يخفى كالثياب ، ونحوها ، فضمان ما تلف منها على المرتهن بالغة ما بلغت ويبقى دينه بحسبه حتى يؤدي إليه بكماله ، وإن كان الرهن مما يظهر كالعقار ، والحيوان ، فلا ضمان فيه على المرتهن ودينه باق بكماله حتى يؤدي إليه - وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك    . 
وقالت طائفة : سواء كان مما يخفى أو مما لا يخفى لا ضمان فيه على المرتهن أصلا ودينه باق بكماله حتى يؤدي إليه - وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان  ، وأصحابهم . 
وروينا من طريق 
الحجاج بن المنهال  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  عن 
خلاس  أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  قال في الرهن : يترادان الفضل فإن أصابته جائحة برئ 
فصح أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  لم ير تراد الفضل إلا فيما تلف بجناية المرتهن لا فيما أصابته جائحة ، بل رأى البراءة له مما أصابته جائحة - وصح عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  أنه قال : الرهن وثيقة إن هلك فليس عليه غرم يأخذ الدين الذي له كله . وعن 
الزهري  أنه قال في الرهن يهلك أنه لم يذهب حق هذا إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه .  
[ ص: 377 ] قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : أما تفريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  بين ما يخفى وبين ما لا يخفى - : فقول لا برهان على صحته لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا من رواية سقيمة ، ولا قياس ، ولا قول أحد نعلمه قبله - فسقط ، وإنما بنوه على التهمة ; والتهمة ظن كاذب يأثم صاحبه ولا يحل القول به ، والتهمة متوجهة إلى أحد وفي كل شيء . 
وأما قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  فإنهم احتجوا بخبر مرسل رويناه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50315لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه ، لا يغلق الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه   } . 
وقالوا : قد أجمع الصحابة على 
تضمين الرهن ، والمرتهن أمين فيما زاد من قيمة الرهن على قيمة دينه . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : أما قولهم : إن المرتهن أمين فيما فضل من قيمة الرهن على قيمة دينه ، فدعوى فاسدة ، وتفريق بلا دليل ، وما هو إلا أمين في الكل أو غير أمين في الكل . 
وأما قولهم : أجمع الصحابة على تضمين الرهن ، فقول جروا فيه على عادتهم الخفيفة على ألسنتهم من الكذب على الصحابة بلا مؤنة . 
ويا للمسلمين هل جاء في هذا كلمة عن أحد من الصحابة إلا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر  فقط . 
فأما 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  فلم يصح عنه ذلك ، لأنه من رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير  وعبيد  لم يولد إلا بعد موت 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  أو أدركه صغيرا لم يسمع منه شيئا .  
[ ص: 378 ] وأما 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  فلا يصح عنه ; لأنه من رواية 
إبراهيم بن عمير  عنه وهو مجهول - وقد روي عنه يترادان الفضل . 
وأما 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  فمختلف عنه في ذلك ، وأصح الروايات عنه إسقاط التضمين فيما أصابته جائحة كما أوردنا آنفا . 
ثم أعجب شيء دعواهم أن الصحابة أجمعوا على تضمين الرهن ، فإن صح ذلك فهم قد خالفوا الإجماع ، لأنهم لا يضمنون بعض الرهن وهو ما زاد من قيمته على قيمة الدين فهذا حكمهم على أنفسهم . 
وأما الحديث الذي ذكروا فمرسل ، ولا حجة في مرسل ، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة أصلا ، لأنه لا يدل على شيء من قولهم ولا تقسيمهم ، وإنما مقتضاه لو صح هو أن قول { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50315لا يغلق الرهن ممن رهنه   } بضم الراء وكسر الهاء ، له غنمه وعليه غرمه ، فوجب ضمان الرهن على المرتهن ولا بد بخلاف قولهم . 
وقوله { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50315لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه   } إن كان أراد بصاحبه مالكه ، وهو الأظهر ، فهو يوجب أن خسارته منه ، ولا يضمنه له المرتهن ، وإن كان أراد بصاحبه المرتهن فهو يوجب ضمانه له بكل حال ، فصار حجة عليهم بكل وجه ، وبطل قولهم ، ونقول لهم : في أي الأصول وجدتم شيئا واحدا رهنا كله عن دين واحد بعضه مضمون وبعضه أمانة ؟ وأنتم تردون السنن بخلافها بالأصول بزعمكم ثم تخالفونها جهارا بلا نص . 
وأما من قال " يترادان الفضل " فما نعلم لهم حجة أصلا إلا أنه استحسان وكأنه لما كان الرهن مكان الدين تقاصا فيه ، وهذا رأي ، والدين لا يؤخذ بالآراء . 
وأما من قال " ذهبت الرهون بما فيها " فإنهم احتجوا بخبر رويناه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17093مصعب بن ثابت  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء    { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50316أن رجلا رهن فرسا فهلك عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب حقك   } . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : هذا مرسل ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17093ومصعب بن ثابت  ليس بالقوي . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : فإذ قد بطل كل ما موهوا به ، فالواجب الرجوع إلى القرآن ،  
[ ص: 379 ] والسنة ، فوجدنا ما حدثناه 
أحمد بن قاسم   نا 
أبي قاسم بن محمد بن قاسم  نا جدي 
 nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ  حدثني 
محمد بن إبراهيم   حدثني 
يحيى بن أبي طالب الأنطاكي  وجماعة من أهل الثقة نا 
نضر بن عاصم الأنطاكي  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16087شبابة  عن 
ورقاء  نا 
أبي ذئب  عن 
الزهري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=31799لا يغلق الرهن ، الرهن لمن رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه   } . 
فهذا مسند من أحسن ما روي في هذا الباب ، وادعوا أن 
أبا عمر المطرز غلام ثعلب  ، قال : أخطأ من قال : إن الغرم الهلاك . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : وقد صح في ذم قوم في القرآن قوله تعالى : { 
ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما   } . 
أي يراه هالكا بلا منفعة ، فالقرآن أولى من رأي 
المطرز  
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام   } . 
فلم يحل لغريم المرتهن شيئا ، ولا أن يضمن الرهن بغير نص في تضمينه إلا أن يتعدى فيه ، أو بأن يضيعه فيضمنه حينئذ باعتدائه في كلا الوجهين . 
وكذلك الدين قد وجب فلا يسقطه ذهاب الرهن ، فصح يقينا من هذين الأصلين الصحيحين بالقرآن ، والإجماع ، والسنة : أن هلاك الرهن من الراهن ، ولا ضمان على المرتهن ، وأن دين المرتهن باق بحسبه لازم للراهن وبالله تعالى التوفيق .