صفحة جزء
وأما ما تولد من الرهن فإننا روينا من طريق عمرو بن دينار : أن معاذ بن جبل قضى فيمن ارتهن أرضا فأثمرت ، فإن الثمرة من الرهن .

ومن طريق طاووس : أن في كتاب معاذ " من ارتهن أرضا فهو يحتسب ثمرها لصاحب الرهن " .

قال أبو محمد : الحكمان متضادان ، وهما قولان - : أحدهما : أن الثمرة لصاحب الرهن - والآخر : أنها من الرهن .

وقال أبو حنيفة : الولد ، والغلة ، والثمرة ، رهن مع الأصول .

ثم تناقضوا ، فقالوا : إن هلك الولد ، والغلة ، والثمرة : لم يسقط من أجل ذلك من ، [ ص: 380 ] الدين شيء ، وإن هلك الأصل ، والأم ، والشجر : قسم الدين على ذلك ، وعلى النماء ، فما وقع للأصل سقط ، وما وقع للنماء بقي . قال أبو محمد : وهذا تناقض فاحش ، لأن كل ذلك رهن عندهم ، ثم خالفوا بين أحكامها بلا برهان .

وقال مالك : أما الولد فداخل في الرهن ، وأما الغلة والثمرة ، فخارجان من الرهن - وهذا تقسيم فاسد جدا بلا برهان .

فإن قالوا : إن الولد بعض الأم ؟ قلنا : كذب من قال هكذا ؟ وكيف يكون بعضها ، وقد يكون ذكرا وهي أنثى ، ويكون مسلما ، وهي كافرة ؟ ثم يقال لهم : والثمرة أيضا بعض الشجر - دعوى كدعوى .

وقال الشافعي : كل ذلك لصاحب الأصل ، ولا يدخل شيء منه في الرهن وهو الحق ، لأن الرهن هو ما تعاقدا عليه الصفقة ، لا ما لم يتعاقداها عليه ، وكل ما ذكرنا شيء لم يتعاقدا الصفقة عليه ، فكله غير الأصل ، وكله حادث في ملك صاحب الأصل ، فكله له - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية