صفحة جزء
1218 - مسألة :

ولا يجوز بيع سلعة على أن تكون رهنا عن ثمنها ، فإن وقع فالبيع مفسوخ ، ولكن يجوز للبائع إمساك سلعته حتى ينتصف من ثمنها إن كان حالا وإلا فليس له ذلك .

برهان ذلك - : أنه اشترط منع المشتري من قبض ما اشترى مدة مسماة وهذا شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل .

وأيضا : فإن المشتري لا يملك ما اشترى إلا بتمام عقد البيع بينهما ، والبيع لا يتم إلا بما نذكره في " كتاب البيوع " إن شاء الله تعالى من التفرق أو التخيير ، فهو ما لم يتم البيع فإنما الشيء المبيع ملك للبائع ، فإنما اشترطا في المسألة المذكورة كون شيء من مال البائع المرتهن رهنا عنده نفسه - وهذا في غاية الفساد ، وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابهما .

وأما إمساك البائع سلعته حتى ينتصف فإن حقه واجب في مال المشتري فإن مطله بحق قد وجب له عنده ، فهو ظالم معتد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { مطل الغني ظلم } ، وإذ هو ظالم فكل ظالم معتد .

وقال تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } [ ص: 382 ] فالسلعة التي ابتاع مال من مال المشتري فللمطول بحقه المعتدى عليه أن يعتدي على المعتدي عليه بمثل ما اعتدى عليه به نص القرآن ، فله إمساك السلعة حتى ينتصف .

روينا من طريق محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا هشيم ، وسفيان الثوري ، قال سفيان الثوري : عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن عمرو بن حريث قال فيمن باع سلعة فنقده المشتري بعض الثمن ، فقال البائع : لا أعطيك السلعة حتى تجيء بالبقية ، فجعل عمرو بن حريث السلعة رهنا بما بقي .

وقال هشيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي : أن عروة بن المغيرة بن شعبة جعل في ذلك أيضا السلعة رهنا بما بقي - فهذا عمرو صاحب لا يعرف له في هذا مخالف من الصحابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية