صفحة جزء
1254 - مسألة :

فإن كان المال المقسوم أشياء متفرقة فدعا أحد المقتسمين إلى إخراج نصيبه كله بالقرعة في شخص من أشخاص المال ، أو في نوع من أنواعه : قضي له بذلك ، أحب شركاؤه أم كرهوا .

ولا يجوز أن يقسم كل نوع بين جميعهم ، ولا كل دار بين جميعهم ، ولا كل ضيعة بين جميعهم ، إلا باتفاق جميعهم على ذلك .

ويقسم الرقيق ، والحيوان ، والمصاحف ، وغير ذلك ، فمن وقع في سهمه عبد وبعض آخر بقي شريكا في الذي وقع حظه فيه .

برهان ذلك - : أن من قال غير قولنا لم يكن له بد من ترك قوله هذا والرجوع إلى قولنا ، أو إبطال القسمة جملة ، وتكليف ما لا يطاق ، وذلك أنه يقال له : ما الفرق بينك في قولك : تقسم كل دار بينهم ، وكل ضيعة بينهم ، وكل غنم بينهم ، وكل بقر بينهم ، وكل رقيق بينهم ، وكل ثياب بينهم وبين آخر ؟ قال : بل يقسم كل بيت بينهم ، وكل ركن من كل فدان بينهم ، لأنه إذا جعلت لكل واحد منهم حصة في كل شيء تركه الميت لزمك هذا الذي ألزمناك ولا بد .

فإن قال : إن الله تعالى يقول : { مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا } .

قلنا : نعم هذا الحق ، وهذه الآية حجتنا عليك لأنك إذا حملتها على ما قلت لزمك ما قلنا ولا بد ، والآية موجبة لقولنا ، لأن الله تعالى إنما أراد منا ما قد جعله في وسعنا ، فإنما أراد تعالى مما قل مما تركه الميت أو كثر فقط ، ولم يرد تعالى قط من كل جزء من المقسوم ، إذ لو أراد تعالى ذلك لكان تعالى قد كلفنا ما ليس في الوسع من قسمة كل جزء منه ولو على قدر الصؤابة ، فظهر فساد قولهم .

وأيضا : فإن الخبر الثابت الذي رويناه من طريق البخاري عن علي بن الحكم الأنصاري نا أبو عوانة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن [ ص: 426 ] جده رافع بن خديج { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الغنيمة فعدل عشرة من الغنم ببعير } في حديث - فهذا نص قولنا لأنه عليه السلام أعطى بعضهم غنما ، وبعضهم إبلا ، فهذا عمل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مخالف لهم منهم - وهو قول أبي ثور وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية