صفحة جزء
1257 - مسألة :

ولا يحل لأحد من الشركاء إنفاذ شيء من الحكم في جزء معين مما له فيه شريك ، ولا في كله - سواء قل ذلك الجزء أو كثر - لا بيع ، ولا صدقة ، ولا هبة ، ولا إصداق ، ولا إقرار فيه لأحد ، ولا تحبيس ، ولا غير ذلك ، كمن باع ربع هذا البيت ، أو ثلث هذه الدار ، أو ما أشبه ذلك ، أو كان شريكه حاضرا ، أو مقاسمته له ممكنة ، لأن كل ما ذكرنا كسب على غيره ، لأنه لا يدري أيقع له عند القسمة ذلك الجزء أم لا ؟ وقد قال الله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } .

ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } . 1258 - مسألة :

فإن وقع شيء مما ذكرنا فسخ أبدا - سواء وقع ذلك الشيء بعينه بعد ذلك في حصته أو لم يقع - : لا ينفذ شيء مما ذكرنا أصلا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد } وكل ما ذكرنا فإنه عمل وقع بخلاف أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه السلام فهو رد .

وأيضا : فكل عقد لم يجز حين عقده بل وجب إبطاله ، فمن المحال الباطل أن يجوز في وقت آخر لم يعقد فيه ، وكل قول لم يصدق حين النطق به فمن الباطل الممتنع [ ص: 428 ] أن يصدق حين لم ينطق به ، إلا أن يوجب شيئا من ذلك في مكان من الأمكنة : قرآن ، أو سنة ، فيسمع له ويطاع .

وبالله تعالى التوفيق .

ومن كان بينه وبين غيره أرض ، أو حيوان ، أو عرض ، فباع شيئا من ذلك ، أو وهبه ، أو تصدق به ، أو أصدقه ، فإن كان شريكه غائبا ، ولم يجب إلى القسمة ، أو حاضرا يتعذر عليه أن يضمه إلى القسمة ، أو لم يجبه إلى القسمة : فله تعجيل أخذ حقه ، والقسمة والعدل فيها ، لأنه لا فرق بين قسمة الحاكم إذا عدل ، وبين قسمة الشريك إذا عدل ، إذ لم يوجب الفرق بين ذلك قرآن ، ولا سنة ، ولا معقول ، ومنعه من أخذ حقه جور ، وكل ذي حق أولى بحقه - فينظر حينئذ ؟ فإن كان أنفذ ما ذكرنا في مقدار حقه في القيمة بالعدل غير متزيد ، ولا محاب لنفسه بشيء أصلا : فهي قسمة حق ، وكل ما أنفذ من ذلك جائز نافذ : أحب شريكه أم كره .

فإن كان حابى نفسه ، فسخ كل ذلك ، لأنها صفقة جمعت حراما وحلالا فلم تنعقد صحيحة .

فلو غرس وبنى وعمر : نفذ كل ذلك في مقدار حقه وقضى بما زاد للذي يشركه ، ولا حق له في بنائه وعمارته ، وغرسه ، إلا قلع عين مال ، كالغصب ولا فرق .

فلو كان طعاما فأكل منه : ضمن ما زاد على مقدار حقه .

فإن كان مملوكا فأعتق : ضمن حصة شريكه - وبالله تعالى التوفيق .

تم " كتاب القسمة " والحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية