صفحة جزء
1269 - مسألة : وكل ما جنى على عبد ، أو أمة ، أو بعير ، أو فرس ، أو بغل ، أو حمار ، أو كلب يحل تملكه ، أو سنور ، أو شاة ، أو بقرة ، أو إبل ، أو ظبي ، أو كل حيوان متملك فإن في الخطأ في العبد وفي الأمة [ خاصة ] وفي سائر ما ذكرنا خطأ أو عمدا ما نقص من قيمته بالغا ما بلغ .

وأما العبد والأمة ففيما جنى عليهما عمدا القود وما نقص من قيمتهما . أما القود فللمجني عليه - وأما ما نقص من القيمة فللسيد فيما اعتدي عليه من ماله .

وكذلك لو أن امرأ استكره أمة فقتلها لكان عليه الغرامة لسيدها والحد في زنائه بها ولا يبطل حق حقا ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يعطى كل ذي حق حقه .

وأما القود بين الحر ، والعبد فنذكره إن شاء الله تعالى في " كتاب القصاص " .

وأما ما نقصه فللناس هاهنا اختلاف ، وكذلك في الحيوان - وقولنا في الحيوان - هو قول أبي سليمان ، ومالك ، والشافعي .

وقال أبو حنيفة : كذلك إلا في الإبل ، والبقر ، والبغال ، والحمير ، والخيل خاصة في عيونها خاصة ، فإنه قال في عين كل ما ذكرنا ربع ثمنه .

[ ص: 449 ] قال أبو محمد : واحتجوا في ذلك بأثر رويناه من طريق قاسم بن أصبغ نا زكريا بن يحيى الناقد نا سعيد بن سليمان عن أبي أمية بن يعلى نا أبو الزناد عن عمرو بن وهب عن أبيه عن زيد بن ثابت { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في الرأس إلا في ثلاث : المنقلة ، والموضحة ، والآمة وفي عين الفرس بربع ثمنه } .

وبرواية عن عمر بن الخطاب من طريق سفيان وعمرو بن دينار ، ومعمر قال سفيان : عن جابر الجعفي عن الشعبي عن شريح عن عمر ، وقال عمرو بن دينار : أخبرني رجل أن شريحا قال له : قال لي عمر ، وقال معمر : بلغني أن عمر بن الخطاب ، ثم اتفقوا : أنه قضى في عين الدابة بربع ثمنها .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا جرير عن المغيرة عن إبراهيم عن شريح قال : أتاني عروة البارقي من عند عمر بأن في عين الدابة ربع ثمنها .

ومن طريق أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمر في عين الدابة ربع ثمنها .

ومن طريق ابن جريج عن عبد الكريم أن علي بن أبي طالب قضى في عين الدابة بربع ثمنها .

قال علي : الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصح ; لأنها من طريق إسماعيل بن يعلى الثقفي - وهو ضعيف - عن عمرو بن وهب عن أبيه ، وهما مجهولان .

ثم ليس فيه إلا الفرس فلا هم خصوه كما جاء مخصوصا ، ولا هم قاسوا عليه جميع ذوات الأربع .

وأما عن علي ، وعمر رضي الله عنهما فمراسيل كلها ، ثم لو صحت لما كان فيها حجة لوجوه : أولها : أنه لا حجة فيمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والثاني : أنه لا مؤنة عليهم في خلاف عمر ، وعلي إذا خالفا أبا حنيفة كما ذكرنا عنهما آنفا من أنهما تقيآ ما شربا إذ علما أنه لا يحل .

ثم في هذه القصة نفسها كما روينا من طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن [ ص: 450 ] إبراهيم النخعي قال : كتب عمر مع عروة البارقي إلى شريح في عين الدابة ربع ثمنها وأحق ما صدق به الرجل عند موته أن ينتفي من ولده أو يدعيه .

ومن طريق عبد الرزاق عمن حدثه عن محمد بن جابر عن جابر عن الشعبي : أن عليا قضى في الفرس تصاب عينه بنصف ثمنه .

ومن طريق سفيان بن عيينة عن مجالد عن الشعبي أن عمر بن الخطاب قضى في عين جمل أصيب بنصف ثمنه ثم نظر إليه بعد فقال : ما أراه نقص من قوته ولا هدايته فقضى فيه بربع ثمنه .

فليت شعري ما الذي جعل إحدى قضيتي عمر ، وعلي ، أولى من الأخرى ؟ وهلا أخذوا بهذه القضية قياسا على قولهم : إن في عين الأنسان نصف ثمنه ، وقد أضعف عمر على حاطب قيمة الناقة التي انتحرها عبيده ، وجاء بذلك أثر - : كما روينا عن ابن وهب أنا عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص { أن رجلا من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ترى في حريسة الجبل ؟ قال : هي ومثلها والنكال } .

فهذا خبر أصح من خبرهم في عين الفرس ربع ثمنه .

وأصح من خبرهم عن عمر ، فظهر فساد قولهم من كل جهة .

وقد كان يلزم المالكيين القائلين بتقليد الصاحب ، وأن المرسل كالمسند أن يقولوا بهذه الآثار ، وإلا فقد تناقضوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية