صفحة جزء
1273 - مسألة : ولا يجوز الصلح على مال مجهول القدر ، لقول الله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } والرضا لا يكون في مجهول أصلا ، إذ قد يظن المرء أن حقه قليل فتطيب نفسه به ، فإذا علم أنه كثير لم تطب نفسه به ولكن ما عرف قدره جاز الصلح فيه ، وما جهل فهو مؤخر إلى يوم الحساب .

وقد احتج من أجاز ذلك بما رويناه من طريق محمد بن إسحاق في مغازيه عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى بني جذيمة إذا أوقع بهم خالد فبعثه عليه السلام بمال فودى لهم الدماء والأموال حتى إنه ليدي لهم ميلغة الكلب ، حتى إذا لم يبق شيء من مال ولا دم حتى أداه وبقيت معه بقية من المال فقال لهم : هل بقي لكم دم أو مال ؟ قالوا : لا ، قال : فإني أعطيكم هذه البقية من المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يعلم ولا تعلمون ، ففعل ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له : أصبت وأحسنت } .

قال أبو محمد : هذا لا يصح ; لأنه مرسل ، ثم هو عن حكيم بن حكيم وهو ضعيف - ثم لو صح لما كانت لهم فيه حجة أصلا ; لأنه ليس فيه صلح مشترط على طلب حق مجهول - وهذا هو الذي أنكرنا ، وإنما هو تطوع لقوم لا يدعون حقا أصلا ، بل هم مقرون بأنهم لم يبق لهم طلب أصلا ، ونحن لا ننكر التطوع ممن لا يطلب بحق ، بل هو فعل خير - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية