1274 - مسألة : 
ولا يجوز الصلح في غير ما ذكرنا من الأموال الواجبة المعلومة بالإقرار والبينة ، إلا في أربعة أوجه فقط - : في الخلع ونذكره إن شاء الله تعالى في : ( كتاب النكاح ) قال الله تعالى : { 
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير   } . 
أو في 
كسر سن عمدا ، فيصالح الكاسر في إسقاط القود  
[ ص: 472 ] أو في جراحة عمدا عوضا من القود أو في قتل نفس عوضا من القود بأقل من الدية ، أو بأكثر ، وبغير ما يجب في الدية . 
برهان ذلك - : ما ذكرنا قبل من قول الله تعالى : { 
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم   } . 
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام   } فلا يحل إعطاء مال إلا حيث جاء النص بإباحة ذلك أو إيجابه . 
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=28763كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل   } والصلح شرط فهو باطل إلا حيث أباحه نص ولا مزيد ، ولم يبح النص إلا حيث ذكرنا فقط . 
روينا من طريق 
أبي داود  نا 
مسدد  نا 
المعتمر بن سليمان التيمي  عن 
حميد الطويل  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك  قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50358كسرت الربيع أخت أنس بن النضر  ثنية امرأة فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بكتاب الله القصاص فقال ابن النضر    : والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها اليوم ، قال : يا أنس  كتاب الله القصاص ، فرضوا بأرش أخذوه   } . 
فإن قيل : فإن هذا الخبر رويتموه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس  فذكر أنها كانت جراحة ، وأنهم أخذوا الدية . 
ورويتموه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن المفضل  ، 
وخالد الحذاء  ، وكلاهما عن 
حميد الطويل  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس  ، فذكر أنهم عفوا ولم يذكر دية ولا أرشا . 
ورويتموه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=11994أبي خالد الأحمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13748ومحمد بن عبد الله الأنصاري  ، كلاهما عن 
حميد الطويل  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس  فذكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقط ؟ قلنا : نعم ، وكل ذلك في غاية الصحة وليس شيء منها مخالفا لسائر ذلك ; لأن 
سليمان  ، 
وثابتا  ، 
وبشرا  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=22وخالدا  ، زادوا كلهم على 
أبي خالد  ، 
والأنصاري    : العفو عن القصاص ، ولم يذكر 
الأنصاري  ولا 
أبو خالد  عفوا ، ولا أنهم لم يعفوا ، وزيادة العدل مقبولة ، وزاد 
سليمان  ، 
وثابت  على 
الأنصاري  ، 
وأبي خالد  ، 
وبشر  ، ذكر قبول الأرض  
[ ص: 473 ] ولم يذكر هؤلاء خلاف ذلك ، وزيادة العدل مقبولة ، وقال 
ثابت    : دية ، وقال 
سليمان    : أرش . 
وهذا ليس اختلافا ; لأن كل دية أرش وكل أرش دية ، إلا أن من ذلك ما يكون مؤقتا محدودا ، ومنه ما يكون غير مؤقت ولا محدود ، والتوقيت لا يؤخذ إلا بنص وارد به ، فوجب حمل ما رويناه على عمومه ، وجواز ما تراضوا عليه - وبالله تعالى التوفيق . 
وأما اختلاف 
ثابت  ، 
وسليمان  ، فقال أحدهما - وهو 
ثابت    - : جراحة وأن 
أم الربيع  التي أقسمت أن لا يقتص منها ، وقال 
سليمان    : كسر سن ، وأن 
أنس بن النضر  أقسم أن لا يقتص منها - فيمكن أن يكونا حديثين في قضيتين ، ويمكن أن يكون حديث واحد في قضية واحدة ; لأن كسر السن جراحة ; لأنه يدمي ويؤثر في اللثة فهي جراحة ، فزاد 
سليمان  بيانا إذ بين أنه كسر سن - وبالله تعالى التوفيق . 
وأما الجراحة : فروينا من طريق 
محمد بن داود بن سفيان  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  عن 
الزهري  عن 
عروة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50359أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة  مصدقا فلاجه رجل في صدقته ، فضربه  nindex.php?page=showalam&ids=9489أبو جهم  فشجه فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : القود يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم كذا وكذا ؟ فلم يرضوا ، فقال : لكم كذا وكذا ؟ فلم يرضوا ، فقال : لكم كذا وكذا ، فرضوا   } . 
فهذا 
الصلح على الشجة بما يتراضى به الفريقان . 
فإن قيل : فإن هذا خبر رويتموه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق  بالإسناد المذكور فيه ، وفيه : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50359فضربه  nindex.php?page=showalam&ids=9489أبو جهم    } ولم يذكر شجه ؟ قلنا : هذه بلا شك قصة واحدة ، وخبر واحد ، وزاد 
 nindex.php?page=showalam&ids=16954محمد بن داود  بيان ذكر شجه ، ولم يذكرها 
 nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع  ، وزيادة العدل مقبولة . 
وأما 
الصلح في النفس   : فإننا روينا من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  قال : نا 
زهير بن حرب  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم  نا 
الأوزاعي  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  نا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف   [ ص: 474 ] حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50360أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد فتح مكة    : ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يفدي ، وإما أن يقتل   } . 
فإن قيل : فهذا خبر رويتموه من طريق 
أبي شريح الكعبي    { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50361  : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين : بين أن يأخذوا العقل ، وبين أن يقتلوه   } ؟ . 
قلنا : نعم ، كلاهما صحيح وحق وجائز أن يلزم ولي القتيل القاتل الدية وجائز أن يصالحه حينئذ القاتل بما يرضيه به ، فكلا الخبرين صحيح - وبالله تعالى التوفيق .