صفحة جزء
1306 - مسألة : ولا تجوز الإجارة على الحجامة ، ولكن يعطى على سبيل طيب النفس وله طلب ذلك ، فإن رضي وإلا قدر عمله بعد تمامه لا قبل ذلك وأعطي ما يساوي .

وكذلك لا تحل الإجارة على إنزاء الفحل أصلا ، لا نزوة ولا نزوات معلومة ، فإن كان العقد إلى أن تحمل الأنثى كان ذلك أبلغ في الحرام والباطل وأكل السحت - : لما روينا من طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم قال : سمعت ابن أبي نعم قال : سمعت أبا هريرة يقول : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وثمن الكلب وعسب الفحل } .

وروينا النهي عن عسب الفحل ، وكسب الحجام من طرق كثيرة ثابتة عن رسول [ ص: 17 ] الله صلى الله عليه وسلم : وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو سليمان : لا تجوز الإجارة على ضراب الفحل .

وروينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن شوذب أبي معاذ قال : قال لي البراء بن عازب : لا يحل عسب الفحل .

ومن طريق الأعمش عن عطاء بن أبي رباح قال : قال أبو هريرة { أربع من السحت ، ضراب الفحل ، وثمن الكلب ، ومهر البغي ، وكسب الحجام } .

وقال عطاء : لا تعطه على طراق الفحل أجرا إلا أن لا تجد من يطرقك وهو قول قتادة .

قال أبو محمد وأباح مالك الأجرة على ضراب الفحل كرات مسماة - وما نعلم لهم حجة أصلا ، لا من نص ولا من نظر .

ورووا رواية فاسدة موضوعة من طريق عبد الملك بن حبيب - وهو هالك - عن طلق بن السمح ولا يدرى من هو ؟ عن عبد الجبار بن عمر - وهو ضعيف - : أن ربيعة أباح ذلك - وذكره عن عقيل بن أبي طالب : أنه كان له تيس ينزيه بالأجرة .

قال أبو محمد : قد أجل الله قدر عقيل في نسبه وعلو قدره عن أن يكون تياسا يأخذ الأجرة على قضيب تيسه .

وأما أجرة الحجام فقد ذكرنا عن أبي هريرة تحريمها - وروي عن عثمان أمير المؤمنين أيضا - وعن غيره من الصحابة رضي الله عنهم . [ ص: 18 ] وروينا عن ابن عباس إباحة كسبه .

واحتج من أباحه بما روينا عن طريق شعبة عن حميد الطويل عن أنس قال : { دعا النبي صلى الله عليه وسلم غلاما فحجمه فأمر له بصاع أو صاعين ، وكلم فيه فخفف من خراجه } .

قال أبو محمد : فاستعمال الخبرين واجب فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه عن غير مشارطة فكانت مشارطته لا تجوز ، ولأنه أيضا عمل مجهول ، ولا خلاف في أن ذلك الحديث ليس على ظاهره ; لأن فيه النهي عن كسب الحجام جملة وقد يكسب من ميراث ، أو من سهم من المغنم ، ومن ضيعة ، ومن تجارة ، وكل ذلك مباح له بلا شك .

ولم تحرم الحجامة قط بلا خلاف ولا بد له من كسب يعيش منه ، وإلا مات ضياعا ، فصح أن كسبه بالحجامة خاصة هو المنهي عنه فوجب أن يستثنى من ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون حلالا حسنا ويكون ما عداه حراما - كما روينا من طريق ابن أبي شيبة نا وكيع نا معمر بن سالم عن أبي جعفر - هو ابن محمد بن علي بن الحسين - قال : لا بأس بأن يحتجم الرجل ولا يشارط - وهو قول أبي سليمان ، وأصحابنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية