صفحة جزء
1314 - مسألة : ومن استأجر دارا أو عبدا أو دابة أو شيئا ما ثم أجره بأكثر مما استأجره به أو بأقل أو بمثله ، فهو حلال جائز .

وكذلك الصائغ المستأجر لعمل شيء فيستأجر هو غيره ليعمله له بأقل أو بأكثر أو بمثله فكل ذلك حلال ، والفضل جائز لهما ، إلا أن تكون المعاقدة وقعت على أن يسكنها بنفسه ، أو يركبها بنفسه ، أو يعمل العمل بنفسه ، فلا يجوز غير ما وقعت عليه الإجارة ; لأنه لم يأت نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهي مؤاجرة وقد أمر عليه السلام بالمؤاجرة - وبالله تعالى التوفيق .

1315 - مسألة : والإجارة بالإجارة جائزة - : كمن أجر سكنى دار بسكنى دار أو خدمة عبد بخدمة عبد ، أو سكنى بخدمة عبد أو بخياطة ، كل ذلك جائز ، لأنه لم يأت نص بالنهي عن ذلك - وهو قول مالك وقال أبو حنيفة : لا يجوز كراء دار بكراء دار - ويجوز بخدمة عبد - وهذا تقسيم فاسد .

بقية الكلام في المسألة التي قبل هذه قال علي : روينا من طريق ابن أبي شيبة نا عباد بن العوام عن عمر بن عامر عن قتادة عن نافع عن ابن عمر : أنه قال فيمن استأجر أجيرا فأجره بأكثر مما استأجره ، قال ابن عمر : الفضل للأول . [ ص: 24 ]

ومن طريق وكيع نا شعبة عن قتادة عن ابن عمر أنه كرهه . وصح عن إبراهيم : أنه قال : يرد الفضل ، هو ربا ، ولم يجزه مجاهد ، ولا إياس بن معاوية ، ولا عكرمة ، وكرهه الزهري بعد أن كان يبيحه .

وكرهه ميمون بن مهران ، وابن سيرين وسعيد بن المسيب ، وشريح ، ومسروق ، ومحمد بن علي ، والشعبي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن .

وأباحه سليمان بن يسار ، وعروة بن الزبير ، والحسن ، وعطاء .

وقال أبو محمد : احتج المانعون من ذلك بأنه كالربا - وهذا باطل ، بل هي إجارة صحيحة ، ولا فرق بين من ابتاع بثمن وباع بأكثر ، وبين من اكترى بشيء وأكرى بأكثر . والمالكيون يشنعون بخلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف - وهذا مما تناقضوا فيه ; لأن ابن عمر لم يجزه ، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .

وممن قال بقول أبي حنيفة في ذلك الشعبي .

قال علي : هذا قول لا دليل على صحته ، والتقليد لا يجوز ، والعجب أنهم قالوا : يتصدق بالفضل وهذا باطل ; لأنه إن كان حلالا فلا يلزمه أن يتصدق به إلا أن يشاء ، وإن كان حراما عليه فلا يحل له أن يتصدق بما لا يملك - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية