صفحة جزء
[ ص: 308 ] مسألة : وبيع القصيل قبل أن يسنبل : جائز وللبائع أن يتطوع للمشتري بتركه ما شاء إلى أن يرعاه ، أو إلى أن يحصده ، أو إلى أن - ييبس بغير شرط ، فإن غفل عنه حتى زاد فيه أولادا من أصله لم تكن ظاهرة إذا اشتراه فاختصما فيها : فأيهما أقام البينة بمقدار المبيع : قضي بها ، ولم يكن للمشتري إلا القدر الذي اشترى ، وكانت الزيادة من الأولاد للبائع ، فإن لم تكن له بينة : حلفا ، وقسمت الزيادة التي يتداعيانها بينهما .

وأما السنبل ، والخروب ، والحب : فللمشتري على كل حال ، وكذلك ما زاد في طوله ، فإذا سنبل الزرع لم يحل بيعه أصلا - لا على القطع ولا على الترك - إلا حتى يشتد ، فإذا اشتد : حل بيعها حينئذ .

برهان صحة بيع القصيل قبل أن يسنبل - : قول الله تعالى : { وأحل الله البيع } .

وقوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } فالبيع كله حلال ، إلا بيعا منع منه نص قرآن أو سنة ، ولم يأت في منع بيع الزرع مذ ينبت إلى أن يسنبل : نص أصلا .

وبرهان تحريم بيعه إذا سنبل إلى أن يشتد - : ما رويناه من طريق مسلم نا علي بن حجر ، وزهير بن حرب ، قالا جميعا : نا إسماعيل ابن علية عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر قال { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة - نهى البائع والمشتري } .

ومن طريق أبي داود نا الحسن بن علي نا أبو الوليد - هو الطيالسي - عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد } ولا يصح غير هذا أصلا .

وهكذا روينا عن جمهور السلف - : روينا من طريق وكيع نا إسرائيل بن يونس عن جابر عن الشعبي عن مسروق عن [ ص: 309 ] عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن مسعود ، قالا جميعا : لا يباع النخل حتى يحمر ، ولا السنبل حتى يصفر .

ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن أيوب السختياني عن ابن سيرين قال : نهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، وعن السنبل حتى يبيض .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا جرير - هو ابن عبد الحميد - عن عاصم عن ابن سيرين قال : لا يشترى السنبل حتى يبيض .

ومن طريق وكيع نا الربيع - هو ابن صبيح - عن الحسن أنه كره بيع السنبل حتى يبيض .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني ، قال : سألت عكرمة عن بيع القصيل ؟ فقال : لا بأس ، فقلت : إنه يسنبل ؟ فكرهه - وهذا هو نفس قولنا ، فلم يستثن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ منع من بيع السنبل حتى يشتد ، أو يبيض : جواز بيعه على الحصاد { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } ، { وما كان ربك نسيا } .

وكذلك عمر بن الخطاب ، وابن مسعود ، لا مخالف لهما نعلمه من الصحابة رضي الله عنهم .

قال أبو محمد : فإن حصاد السنبل رطبا لم يجز بيعه أيضا ; لأنه سنبل يمكن فيه بعد أن يشتد ويبيض - وكذلك إن صفي فصار حبا ولا فرق ، للنهي عن ذلك أيضا .

فإن كان إن ترك لم ييبس ، ولكن يفسد : جاز بيعه ; لأنه قد خرج عن الصفة التي جاء النهي عن بيع ما هي فيه .

والسنبل في لغة العرب معروف وهو في القمح والشعير ، والعلس ، والدخن ، والسلت ، وسائر ما يسمى في اللغة " سنبلا "

التالي السابق


الخدمات العلمية