صفحة جزء
1463 - مسألة : ولا يجوز بيع شيء لا يدري بائعه ما هو وإن دراه المشتري ، ولا ما لا يدري المشتري ما هو وإن دراه البائع ، ولا ما جهلاه جميعا .

ولا يجوز البيع إلا حتى يعلم البائع والمشتري ما هو ، ويرياه جميعا ، أو يوصف لهما عن صفة من رآه وعلمه كمن اشترى زبرة يظنها قزديرا فوجدها فضة ، أو فصا لا يدري أزجاج هو أم ياقوت ؟ فوجده ياقوتا أم زمردا أو زجاجا - وهكذا في كل شيء - وسواء وجده أعلى مما ظن أو أدنى ، أو الذي ظن - : كل ذلك باطل مفسوخ أبدا ، لا [ ص: 359 ] يجوز لهما تصحيحه بعد علمهما به إلا بابتداء عقد رضاهما معا ، وإلا فلا - وهو مضمون على من قبضه ضمان الغصب .

برهان ذلك - : قول الله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } ولا يمكن ببديهة العقل ، وضرورة الحس رضا بما لا يعرف ولا يكون الرضا إلا بمعلوم الماهية ولا شك في أنه إن قال : رضيت : أنه قد لا يرضى إذا علم ما هو - وإن كان دينا جدا - وقد سمى الله تعالى ما لم يكن عن تراض أكل مال بالباطل .

وأيضا : فهو بيع غرر ; لأنه لا يدري ما ابتاع ولا ما باع ، وقد { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر } ، وهذا أعظم الغرر - وهذا قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وقد ذكرنا عن مالك إجازة هذا البيع - وهو قول لا دليل على صحته أصلا .

ومن عجائب الدنيا إجازته هذا البيع الفاسد ، ومنعه من بيع صبرة مرئية محاط بها علم البائع مكيلتها ولم يعلم المشتري مكيلتها وهذا عجب لا نظير له - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية