صفحة جزء
1467 - مسألة : ولا يحل لأحد أن يسوم على سوم آخر ، ولا أن يبيع على بيعه - المسلم ، والذمي سواء - فإن فعل فالبيع مفسوخ ، فإن وقف سلعته لطلب الزيادة ، أو قصد الشراء ممن باعه لا من إنسان بعينه ، لكن محتاطا لنفسه جازت المزايدة حينئذ هذا إذا لم يبتد بسوم آخر فقط ، فإن بدأ بمساومة إنسان بعينه فلم يزده المشتري على أقل من القيمة ووقف على ذلك فلغيره أن يبلغه إلى القيمة وأكثر حينئذ .

وكذلك لو طلب البائع أكثر من القيمة ولم يجب إلى القيمة أصلا فلغيره حينئذ أن يعرض على المشتري سلعته بقيمتها وبأقل .

برهان ذلك - : ما رويناه من طريق مالك عن نافع ، وأبي الزناد ، قال أبو الزناد ، [ ص: 371 ] عن الأعرج عن أبي هريرة ، وقال نافع : عن ابن عمر ، ثم اتفق أبو هريرة ، وابن عمر ، كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يبع بعضكم على بيع بعض } .

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يبع أحدكم على بيع أخيه } .

قال علي : هذا خبر معناه الأمر ; لأنه لو كان معناه الخبر لكان كذبا لوجود خلافه ، والكذب مقطوع ببعده عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجيزه عليه إلا كافر حلال دمه .

ومن طريق شعبة عن الأعمش عن أبي صالح - هو السمان - عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يسم المسلم على سوم المسلم } .

قال علي : هذا بعض ما في حديث أبي هريرة ، وابن عمر ; لأن البيع على البيع يدخل فيه السوم ضرورة ; لأنه لا يمكن البيع ألبتة إلا بعد سوم ، ولا يكون السوم ألبتة إلا للبيع ، وإلا فليس سوما ، فإذا حرم البيع حرم السوم عليه ، وإذا حرم السوم حرم البيع ضرورة .

ولا يجوز السوم بما لا يجوز بيعه كبيع الحر والسوم فيه ، وفي الربا - وبهذا قال بعض الصحابة رضي الله عنهم . [ ص: 372 ]

قال أبو محمد : وقال مالك : إنما هذا إذا ركنا وتقاربا - وهذا تفسير لا يدل عليه لفظ الحديث ، فأما من أوقف سلعته طلب الزيادة فيه أو طلب بيع يسترخصه فليس مساوما لإنسان بعينه ، فلا يلزمه هذا النهي ، وأما من رأى المساوم أو المبايع لا يريد الرجوع إلى القيمة ، لكن يريد غبن صاحبه بغير علمه فهذا فرض عليه نصيحة المسلم ، فقد خرج عن هذا النهي أيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الدين النصيحة } .

وروينا من طريق وكيع عن حزام بن هشام الخزاعي عن أبيه شهدت عمر بن الخطاب باع إبلا من إبل الصدقة فيمن يزيد .

ومن طريق حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن المغيرة بن شعبة : أنه باع المغانم فيمن يزيد - ومن طريق ابن أبي شيبة أنا معتمر بن سليمان عن الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك عن رجل من الأنصار : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا فيمن يزيد } .

التالي السابق


الخدمات العلمية