وقالت طائفة : 
علة الربا هي الكيل والوزن في جنس واحد أو جنسين فقط ، فإذا كان الصنف مكيلا بيع بنوعه كيلا بمثله يدا بيد ، ولم يحل فيه التفاضل ولا النسيئة - وجاز بيعه بنوع آخر من المكيلات متفاضلا يدا بيد ، ولا يجوز فيه النسيئة - وإذا كان موزونا جاز بيعه بنوعه وزنا بوزن نقدا ، ولا يجوز فيه التفاضل ولا النسيئة ، وجاز بيعه بنوع آخر من الموزونات متفاضلا يدا بيد ، ولا يجوز فيه النسيئة إلا في الذهب ، والفضة ، خاصة فإنه يجوز أن يباع بهما سائر الموزونات نسيئة .  
[ ص: 416 ] وجائز 
بيع المكيل بالموزون متفاضلا ومتماثلا نقدا ونسيئة ، كاللحم بالبر ، أو كالعسل بالتمر ، أو الزبيب بالشعير ، وهكذا في كل شيء - وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  وأصحابه . 
وقد رغب بعض المتأخرين منهم عن هذه العلة بسبب انتقاضها عليهم في الذهب والفضة بسائر الموزونات ، فلجأ إلى أن قال : علة الربا هي وجود الكيل ، أو الوزن فيما يتعين ، فما زادونا بهذا إلا جنونا وكذبا بدعواهم أن الدنانير ، والدراهم : لا تتعين ، وهذه مكابرة العيان . 
وأيضا : فإن علة الذهب والفضة عندهم تتعين ، وهم يجيزون تسليمه فيما يوزن ، فلم ينتفعوا بهذه الزيادة السخيفة في إزالة تناقضهم . 
ثم أتوا بتخاليط تشبه ما يأتي به من بغى لفساد عقله ، قد تقصيناها في هذا المكان ، إلا أن منها مخالفتهم السنة المتفق عليها من كل من يرى الربا في غير النسيئة ، فأجازوا التمرة بالتمرتين يدا بيد ، ويلزمهم أن يجيزوا تسليم ثلاث حبات من قمح في حبتين من تمر ، وهذا خروج عن الإجماع المتيقن . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : واحتجوا لقولهم هذا بما رويناه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  أنا 
ابن قعنب  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان - يعني ابن بلال -  عن 
عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف  أنه سمع 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  يحدث أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة  ، 
وأبا سعيد  حدثاه { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=5529أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أخا بني عدي الأنصاري  فاستعمله على خيبر  فقدم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر  هكذا ؟ قال : لا ، والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ، وكذلك الميزان   } فاحتجوا بهذه اللفظة ، وهي قول " وكذلك الميزان " .  
[ ص: 417 ] ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف  عن 
أبي سعيد  قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50675دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض أهله فوجد عندهم تمرا أجود من تمرهم فقال : من أين هذا ؟ فقالوا : أبدلنا صاعين بصاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلح صاعين بصاع ولا درهمين بدرهم   } . 
ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة  أنا 
ابن أبي زائدة  عن 
محمد بن عمرو بن علقمة الليثي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن  عن 
أبي سعيد  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50676لا يصلح درهم بدرهمين ولا صاع بصاعين   } وهذان خبران صحيحان إلا أنه لا حجة لهم فيهما ، على ما نبين ، إن شاء الله تعالى . 
وبما رويناه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  أنا 
أبو جناب  عن أبيه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50677قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - عند هذه السارية وهي يومئذ جذع نخلة - : لا تبيعوا الدينار بالدينارين ، ولا الدرهم بالدرهمين ، ولا الصاع بالصاعين ، إني أخاف عليكم الرماء - والرماء الربا - زاد بعضهم : فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله الرجل يبيع الفرس بالأفراس والنجيب بالإبل ، قال : لا بأس إذا كان يدا بيد   } . 
وبما حدثناه 
أحمد بن محمد الطلمنكي  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج  أنا 
إبراهيم بن أحمد بن فراس  أنا 
أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري  أنا 
إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه -  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15899روح  أنا { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50678حيان بن عبيد الله    - وكان رجل صدق - قال سألت أبا مجلز  عن الصرف ؟ فقال : يدا بيد ، كان  nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  لا يرى به بأسا ما كان منه يدا بيد ، فأتاه أبو سعيد  فقال له : ألا تتقي الله ، حتى متى يأكل الناس الربا ؟ أوما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة يدا بيد ، عينا بعين ، مثلا بمثل ، فما زاد فهو ربا ؟ ثم قال : وكذلك ما يكال ويوزن أيضا   } ؟ فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  لأبي سعيد    : جزاك الله الجنة ، ذكرتني أمرا قد كنت أنسيته ، فأنا أستغفر الله وأتوب إليه - فكان ينهى عنه بعد ذلك - .  
[ ص: 418 ] وهذا كل ما احتجوا به ، ولا حجة لهم في شيء منه . 
أما حديث 
ابن أبي زائدة  عن 
محمد بن عمرو  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة  عن 
أبي سعيد  فإنه رواه عن 
محمد بن عمرو  من هو أحفظ من 
ابن أبي زائدة  وأوثق ، فزاد فيه بيانا - : كما حدثنا 
أحمد بن محمد الطلمنكي  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج  أنا 
إبراهيم بن أحمد بن فراس  أنا 
أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه  أنا 
الفضيل بن موسى  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل  ، قالا جميعا : أنا 
محمد بن عمرو  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن  عن 
أبي سعيد الخدري  قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50679كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرزقنا تمرا من تمر الجمع ، فنستبدل تمرا أطيب منه ونزيد في السعر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصلح هذا لا يصلح صاعين بصاع ، ولا درهمان بدرهم ، ولا الدينار بدينارين ، ولا الدرهم بالدرهم لا فضل بينهما إلا ربا   } . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : فقوله عليه السلام : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50680لا يصلح ، هذا لا يصلح صاعين بصاع   } إشارة إلى التمر المذكور في الخبر ، لا يمكن غير ذلك أصلا ، بدأ عليه السلام فقال : " لا يصلح " مشيرا إلى فعلهم ، ثم ابتدأ الكلام فقال : " هذا لا يصلح صاعين بصاع " ف " هذا ، ابتداء ، و " لا يصلح صاعين بصاع " جملة في موضع خبر الابتداء وانتصب " صاعين بصاع " على التمييز ، ولا يجوز غير ذلك أصلا ; لأنه لو قال عليه السلام : لا يصلح هذا ، ثم ابتدأ الكلام بقوله : لا يصلح صاعين بصاع ، دون أن يكون في يصلح الثانية ضمير راجع إلى مذكور ، أو مشار إليه لكان لحنا لا يجوز ألبتة . 
ومن الباطل المقطوع به أن يكون عليه السلام يلحن ، ولا يحل إحالة لفظ الخبر ما دام يوجد له وجه صحيح - فبطل تعلقهم بهذا الخبر . ولله تعالى الحمد . 
وأما حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  عن 
أبي سعيد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة  ، الذي فيه { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50681وكذلك الميزان   } فإنهم جسروا ههنا على الكذب البحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قطعوا بأنه عليه السلام أراد أن يقول : لا يحل التفاضل في كل جنس من الموزونات بجنسه ، ولا النسيئة ، فاقتصر من هذا كله على أن قال " وكذلك الميزان " . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيان ، وأما بالإشكال في الدين ، والتلبس في الشريعة : فمعاذ الله من هذا ، وليس في التلبيس ، والإشكال : أكثر من أن  
[ ص: 419 ] يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرم كل جنس مما يكال بشيء من جنسه متفاضلا أو نسيئة ، وكل جنس مما يوزن بشيء من جنسه متفاضلا أو نسيئة ، فيقتصر من بيان ذلك علينا ، وتفصيله لنا ، على أن يقول في التمر الذي اشتري بتمر أكثر منه : لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ، وكذلك الميزان . 
وما خلق الله قط أحدا يفهم تلك الصنفين من هذا الكلام ، ولا ركب الله تعالى قط هذا الكلام على تلك الخرافتين . 
ولو أن إنسانا من الناس أراد تلك الشريعتين اللتين احتجوا لهما بهذا الكلام ، فعبر عنهما بهذا الكلام ، لسخر منه ، ولما عده من يسمعه إلا ألكن اللسان ، أو ماجنا من المجان ، أو سخيفا من النوكى . 
أفلا يستحيون من هذه الفضائح الموبقة عند الله تعالى ، المخزية في العاجل ، ولكنا نقول قولا نتقرب به إلى الله تعالى ، ويشهد لصحته كل ذي فهم من مخالف ومؤالف - وهو أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50681وكذلك الميزان   } قول مجمل ، مثل قول الله تعالى : { 
أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة   } نؤمن بكل ذلك ، ونطلب بيانه من نصوص أخر ، ولا نقدم بالظن الكاذب ، والدعوى الآفكة على أن نقول : أراد الله تعالى كذا وكذا ، وأراد رسوله عليه السلام معنى كذا - : لا يقتضيه ذلك اللفظ بموضوعه في اللغة ، فطلبنا ذلك - : فوجدنا حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت  ، 
وأبي بكرة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة  ، قد بين فيها مراده عليه السلام بقوله ههنا : " وكذلك الميزان " وهو تفسيره عليه السلام هنالك : أنه لا يحل الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن ، ولا الفضة بالفضة إلا وزنا بوزن - فقطعنا : أن هذا هو مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : " وكذلك الميزان " . 
وشهدنا بشهادة الله تعالى : أنه عليه السلام لو أراد غير هذا لبينه ووضحه حتى يفهمه أهل الإسلام ولم يكلنا إلى ظن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ورأيه ، الذي لا رأي أسقط منه ، ولا إلى كهانة أصحابه الغثة التي حلوانهم عليها الخزية فقط ، قال تعالى : { 
لتبين للناس ما نزل إليهم   } ، { 
وقد فصل لكم ما حرم عليكم   } فسقط تمويههم بهذا الخبر - ولله تعالى الحمد .  
[ ص: 420 ] والعجب كل العجب من قولهم في البين الواضح من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرطب بالتمر : أنه إنما أراد التي في رءوس النخل - وليس هذا في شيء من الأخبار ; لأن ذلك خبر وهذا آخر . 
ويأتون إلى مجمل لا يفهم أحد منه إلا ما فسره عليه السلام في مكان آخر ، فيزيدون فيه ويفسرونه بالباطل ، وبما لا يقتضيه لفظه عليه السلام أصلا . 
وأما حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة    : لا يصلح صاعين بصاع ، فإنهم قالوا : هذا عموم لكل مكيل . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : وهذا خبر اختصره 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  ، أو وهم فيه بيقين لا إشكال فيه ، فرواه 
ابن أبي زائدة  عن 
محمد بن عمرو  ، أو وهم فيه على ما ذكرنا قبل ; لأن هذا خبر رواه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  بإسناده : 
الأوزاعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17235وهشام الدستوائي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16131وشيبان بن فروخ    - وليس 
هشام  ، 
والأوزاعي  ، دون 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  ، إن لم يكن 
هشام  أحفظ منه . 
فرويناه من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى  عن 
شيبان    - ومن طريق 
أحمد بن شعيب   أنا 
هشام بن أبي عمار  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة  أنا 
الأوزاعي    - وحدثنا 
حمام  أنا 
عباس بن أصبغ  أنا 
محمد بن عبد الملك بن أيمن  أنا 
بكر بن حماد  أنا 
مسدد  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن المفضل  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام - هو الدستوائي -  كلهم عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف  عن 
أبي سعيد الخدري    " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50683لا صاعي تمر بصاع ، ولا صاعي حنطة بصاع ، ولا درهمين بدرهم   } . 
قال 
الأوزاعي  في روايته عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير    : حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن  حدثني 
أبو سعيد الخدري    - وهذا هو خبر 
محمد بن عمرو  نفسه . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : فأسقط 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  ذكر التمر ، والحنطة . 
ومن البيان الواضح على خطأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  الذي لا شك فيه : إيراده اللحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر بقوله : لا يصلح صاعين بصاع - ووالله ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ،  
[ ص: 421 ] إلا أن يشير إلى شيء ، فيكون ضميره في " لا يصلح " لا سيما 
والأوزاعي  يذكر سماع 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  من 
 nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة  ، وسماع 
 nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة  من 
أبي سعيد  ، لم يذكر ذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر    - وهذا لا يكدح عندنا شيئا ، إلا إذا كان خبرا واحدا اختلف فيه الرواة ، فإن رواية الذي ذكر السماع أولى ، لا سيما ممن ذكر بتدليس . 
ثم لو صح لهم لفظ 
ابن أبي زائدة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر  ، بلا زيادة من غيرهما ، ولا بيان من سواهما ، لما كان لهم فيه حجة لوجهين - : 
أحدهما - أنه ليس فيه ذكر جنس واحد ، ولا جنسين أصلا ، وهم يجيزون صاعي حنطة بصاع تمر ، وبكل ما ليسا من جنس واحد - وهذا خلاف عموم الخبر . 
فإن قالوا : فسر هذا أخبار أخر ؟ قلنا : وكذلك فسرت أخبار أخر ما أجمله 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر    . 
والوجه الثاني - أن يقول هذا في القرض لا في البيع ، نعم ، لا يجوز في القرض صاعان بصاع في شيء من الأشياء كلها ، وأما البيع فلا ، لأن الله تعالى يقول : { 
وأحل الله البيع   } . 
فإن ادعوا إجماعا كذبوا ; لأنهم يجيزون صاعي شعير بصاع بر ، والناس لا يجيزونه كلهم ، بل يختلفون في إجازته . 
وصاعي حمص بصاع لبياء ، ولا إجماع ههنا ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867فمالك  لا يجيزه . 
فإن قالوا : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم   } ؟ قلنا : صح أنه عليه السلام قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد   } فإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصناف التي سمى في الحديث الذي ذكر هذا اللفظ في آخره - ولا يحل أن ينسب إليه عليه السلام قول بظن كاذب . 
ويكفي من هذا أنهم مجمعون معنا على لفظة " لا صاعين بصاع " ليست على  
[ ص: 422 ] عمومها ، فقالوا هم : في كل مكيل من جنس واحد ، وقلنا نحن : هو في الأصناف المنصوص عليها ، فدعوى كدعوى . 
وبرهاننا نحن - : صحة النص على قولنا ، وبقي قولهم بلا برهان فبطل تعلقهم بهذا الخبر - ولله تعالى الحمد . 
وأما حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  فساقط ; لأنه عن 
أبي جناب - وهو يحيى بن أبي حية الكلبي -  ترك الرواية عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي  ، وضعف ، وذكر بتدليس ، ثم هو عن أبيه وهو مجهول جملة - فبطل التعلق به - ثم لو صح لكان القول فيه كالقول في غيره مما ذكرنا آنفا مما خالفوا فيه عمومه . 
وأما حديث 
أبي سعيد الخدري  الذي أوردنا من طريق 
حيان بن عبيد الله  عن 
أبي مجلز  ، فلا حجة فيه ; لأنه منقطع كما أوردنا ، لم يسمعه ، لا من 
أبي سعيد  ، ولا من 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، وذكر فيه : أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  تاب ورجع عن القول بذلك - وهذا الباطل وقول من بلغه خبر لم يشهده ولا أخذه عن ثقة . 
وقد روى رجوع 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    : 
أبو الجوزاء    - رواه عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16045سليمان بن علي الربعي    - وهو مجهول لا يدرى من هو - وروى عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16237أبو الصهباء  أنه كرهه . 
وروى عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس  ما يدل على التوقف . 
وروى الثقة المختص به خلاف هذا - : كما حدثنا 
حمام  أنا 
عباس بن أصبغ  أنا 
محمد بن عبد الملك بن أيمن  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل  أنا 
أبي هاشم  أنا 
أبو بشر - هو جعفر بن أبي وحشية  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  أنه قال : ما كان الربا قط في هاء وهات . 
وحلف 
 nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير    : بالله ما رجع عنه حتى مات . 
ثم هو أيضا من رواية 
حيان بن عبيد الله    - وهو مجهول - ثم لو انسند حديث 
أبي مجلز  المذكور لما كانت لهم فيه حجة ; لأن اللفظ الذي تعلقوا به من " وكذلك ما يكال ويوزن " ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام 
أبي سعيد  لو صح . 
وهو أيضا عنه منقطع ; لأن هذا خبر رواه : 
 nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع  ، 
وأبو صالح السمان  ، 
وأبو المتوكل الناجي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب  ، 
وعقبة بن عبد الغافر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12179وأبو نضرة  ،  
[ ص: 423 ]  nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة بن عبد الرحمن  ، 
وسعيد الجريري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح  ، كلهم عن 
أبي سعيد الخدري  ، وكلهم ذكروا أنهم سمعوه منه ، وكلهم متصل الأسانيد بالثقات المعروفين إليهم ، ليس منهم أحد ذكر هذا اللفظ فيه ، وهو بين في الحديث المذكور نفسه ; لأنه لما تم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 
أبو مجلز    : ثم قال فابتدأ الكلام المذكور من ذكر " وكذلك كل ما يكال ويوزن " مفصولا عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يبعد أن يكون من كلام 
أبي مجلز    - وهو الأظهر - فبطل من كل جهة ، ولا يحل أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام بالظن الكاذب . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد  ثم العجب كله من احتجاجهم فيما ليس فيه منه نص ولا دليل ولا أثر ، وخلافهم ليقين ما فيه منسوبا مبينا أنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
وقد صح من غير هذا الخبر أنه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50684التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، يدا بيد ، عينا بعين   } . 
فقالوا هم جهارا : نعم ، ويجوز غير عين بغير عين ، ويجوز عين بغير عين ، نعم ، يجوز تمرة بتمرتين وبأكثر ، فهل بعد هذه الفضائح فضائح ؟ أو يبقى مع هذا دين أو حياء من عار أو خوف نار - نعوذ بالله من الضلال والدمار . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : ومما يبين غاية البيان : أن هذا اللفظ - نعني وكذلك ما يكال ويوزن - ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم قطعا ببرهان واضح - وهو أيضا مبطل لعلتهم بالوزن ، والكيل ، من طريق ضرورة الحس ، وبديهة العقل ، وصادق النظر ، فإن من الباطل البحت أن يكون عليه السلام يجعل علة الحرام في الربا : الوزن ، والكيل ، والتفاضل فيه ، وباعثه عز وجل يعلم ، وهو عليه السلام يدري ، وكل ذي عقل يعرف : أن حكم المبيعات يختلف في البلاد أشد اختلاف ، فما يوزن في بلدة يكال في أخرى : كالعسل ، والزيت والدقيق ، والسمن ، يباع الزيت والعسل 
ببغداد  والكوفة  وزنا ، ولا يباع شيء منها 
بالأندلس  إلا كيلا . 
ويباع السمن والدقيق في بعض البلاد كيلا ، ولا يباع عندنا إلا وزنا ، والتين يباع 
برية  كيلا ، ولا يباع 
بإشبيلية  وقرطبة  إلا وزنا ، وكذلك سائر الأشياء . 
ولا سبل إلى أن يعرف كيف كان يباع ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا ،  
[ ص: 424 ] فحصل الربا لا يدرى ما هو حتى يجتنب ؟ ولا ما ليس هو فيستعمل وصار الحرام والحلال في دين الله تعالى أمشاجا مختلطين لا يعرف هذا من هذا أبدا . 
وحصلت الأنواع المبيعة كلها التي يدخلون فيها الربا لا يدرون كيف يدخل الربا فيها ؟ ولا كيف يسلم منه ؟ نبرأ إلى الله تعالى من دين هذه صفته ، هيهات أين هذا القول الكاذب ؟ من قول الله تعالى الصادق { 
   : اليوم أكملت لكم دينكم   } ومن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=50685اللهم هل بلغت ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد   } . 
فإن رجعوا إلى أن يجعلوا لأهل كل بلد عادته حصل الدين لعبا إذا شاء أهل بلد أن يستحلوا الحرام ردوا كل ما كانوا يبيعونه بكيل إلى الوزن ، وما كانوا يبيعونه بوزن إلى كيل فحل لهم باختيارهم ما كان حراما أمس من التفاضل بين الكيلين ، أو بين الوزنين ما شاء الله كان ، وهذا بعينه أيضا يدخل على المالكيين ، والشافعيين ; لأنهم إذا أدخلوا الربا في المأكول كله ، أو في المدخر المقتات : سألناهم عن الأصناف المبيعة من ذلك ، وليست صنفا ، ولا صنفين ، بل هي عشرات كثيرة : بأي شيء يوجبون فيها التماثل ، أبالكيل أم بالوزن ؟ فأيا ما قالوا صاروا متحكمين بالباطل ، ولم يكونوا أولى من آخر يقول بالوزن فيما قالوا هم فيه بالكيل ، أو بالكيل فيما قالوا هم فيه بالوزن ، فأين المخلص ؟ أم كيف يبيع الناس ما أحل لهم من البيع ؟ أم كيف يجتنبون ما حرم عليهم من الربا ؟ وهذا من الخطأ الذي لا يحل على من يسره الله تعالى لنصيحة نفسه . 
وذكروا في ذلك عمن تقدم ما روينا من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب  عن 
مخرمة بن بكير  عن أبيه سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب  قال : كتب 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري    : أن لا يباع الصاع بالصاعين إذا كان مثله وإن كان يدا بيد ، فإن اختلف فلا بأس ، وإذا اختلف في الدين فلا يصلح - وكل شيء يوزن مثل ذلك كهيئة المكيال .