صفحة جزء
1497 مسألة :

فإن كان العيب في نفس ما اشترى ككسر ، أو كان الذهب ناقص القيمة بطبعه ، والفضة كذلك ، كالذهب الأشقر والأخضر بطبعه .

فإن كان اشترط السلامة فالصفقة كلها مفسوخة ; لأنه وجد غير ما اشترى ، فلا يحل له مال غيره مما لم يعقد عليه بيعا .

وإن كان لم يشترط السلامة فهو مخير بين إمساك الصفقة كما هي ولا رجوع له بشيء ، وإما فسخها كلها ولا بد ; لأنه اشترى العين ، فهو عقد صحيح ثم وجد غبنا ، والغبن إذا رضيه البائع وعرف قدره جائز لا كراهية فيه على ما قدمنا قبل .

ولا يحل له تبعيض الصفقة ; لأنه لم يتراض البيع من صاحبه إلا على جميعها ، فليس له غير ما تراضيا به معا ، لقول الله تعالى { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم }

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام }

فلا يحل له من مال غيره إلا ما تراضيا به معا .

قال أبو محمد : وهذا مكان اختلف فيه الخلف والسلف : فروينا من طريق الحجاج بن المنهال أنا حفص بن غياث بن الأشعث الحراني عن عكرمة عن ابن عباس فيمن يشتري الدراهم ويشترط إن كان فيها زائف أن يرده : أنه كره الشرط ، وقال : ذلك له إن لم يشترط .

قال علي : ظاهر هذا رد البيع ; لأنه لو أراد رد الزائف وحده لذكر بطلان ما قابله ، وصحة العقد في سائر الصفقة ، أو لذكر الاستدلال ، ولم يذكر من ذلك كله شيئا ، فلا يجوز أن يقول ما لم يقل فقول ابن عباس هو قولنا .

ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا همام هو ابن يحيى قال : زعم ابن جريج : أن ابن عمر اشترى دراهم بدنانير فأخطئوا فيها بدرهم ستوق فكره أن يستبدله وهذا منقطع ، ولا نعلم أحدا من الحاضرين قال به ، ولا نعلم الآن عن الصحابة رضي الله عنهم غير ما ذكرنا . [ ص: 461 ]

وقال سفيان الثوري : هو مخير بين أن يستبدله وبين أن ينقض الصرف في مقدار ما وجد رديئا فقط قال الأوزاعي ، والليث ، والحسن بن حي : يستبدل كل ما وجد زائفا قل أو كثر قال ابن حي والستوق كذلك .

قال علي : الستوق هو المغشوش بشيء غيره ، مثل أن يكون الدرهم كله رصاصا ، أو يكون الدينار كله فضة أو نحاسا .

والزائف الرديء من طبعه الذي فيه غش

وقال أبو حنيفة : إن وجد بعد التفرق نصف الجميع فأكثر زيوفا فليس له أن يستبدل ألبتة ، لكن إن رد الزيوف بطل الصرف في مقدارها من الصفقة وصح فيما سواها .

وظاهر قوله أن له أن لا يرد ، فإن وجدها أقل من النصف فله أن يمسك وله أن يستبدل ما وجد زائفا فقط ، ولا يفارقه حتى يقبض البدل ، فإن فارقه قبل القبض انتقض الصرف فيما لم يقبض ولو أنه درهم أو أكثر وصح فيما قبض ولو أنه درهم أو أقل .

فإن كان الذي وجد ستوقا انتقض الصرف فقط لو لم يكن إلا درهما واحدا فأكثر وصح في باقي الصفقة ويكون هو والبائع شريكين في الدينار الذي انتقض الصفر في بعضه .

قال أبو محمد : ليت شعري ، أي بعض منه انتقض فيه الصرف ، وأي بعض ، منه صح فيه الصرف هذا المجهول والغرر بعينه ، وروي عنه : أنه حد ما يستبدله مما لا يجوز فيه الاستبدال بالثلث وهذا قول لا نعلمه عن أحد قبله ، وتقسيم في غاية الفساد بلا برهان ، وحكم الحرام والحلال في الكثير والقليل منهما سواء ، إلا أن يأتي قرآن أو سنة بفرق وتحديد فالسمع والطاعة وقال أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن : يستبدل ما وجد زائدا أو ستوقا ، قل أو كثر .

قال علي : هذا باطل ; لأنه يصير ذهبا بفضة ، أو بذهب ، أو فضة بفضة غير يد بيد ، وهذا الربا المحض وقال زفر : ينتقض الصرف ولا بد فيما وجد قل أو كثر ويصح في السالم قل أو كثر .

قال علي : هذا تبعيض صفقة لم يقع العقد قط على بعضها دون بعض ، فهو أكل [ ص: 462 ] مال بالباطل وقال مالك : إن وجد ستوقا أو زائفا فإن كان درهما أو أكثر ما لم يتجاوز صرف دينار انتقض الصرف في دينار واحد ، وصح سائر الصفقة ، فإن وجد من ذلك ما يكون صرفه أكثر من دينار أو دينارين أو دنانير : انتقض الصرف فيما قابل ما وجده فإن شرع الانتقاض في دينار انتقض ذلك الدينار .

قال علي : ليت شعري أي دينار هو الذي ينتقض ، أيها هو الذي لا ينتقض ؟ هذا بيع الغرر ، والمجهول وأكل المال بالباطل .

ثم عجب آخر وهو إجازته بعض الصفقة دون بعضها وإبطاله صرف جميع الدينار الذي شرع الانتقاض في بعضه وهذا تناقض ظاهر ، وكلاهما تبعيض لما لم يتراضيا بتبعيضه في العقد ، وقول لا نعلمه عن أحد قبله .

وللشافعي قولان أحدهما : أن الصرف كله ينتقض ، والثاني : أنه يستبدل ، كقول الليث والأوزاعي ، والحسن بن حي وهذا مما خالفوا فيه قول صاحبين ، لا يعرف لهما مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية