صفحة جزء
1509 مسألة :

والشركة ، والإقالة ، والتولية : كلها بيوع مبتدأة لا يجوز في شيء منها إلا ما يجوز في سائر البيوع لا تحاش ، شيئا وهو قول الشافعي ، وأصحابنا في الشركة ، والتولية .

وقالوا : الإقالة فسخ بيع ، وليست بيعا ، وقال ربيعة ، ومالك : كل ما لا يجوز فيه [ ص: 482 ] البيع قبل القبض أو قبل الاكتيال فإنه لا بأس فيه بالشركة ، والتولية ، والإقالة قبل القبض ، وقبل الاكتيال وروي هذا عن الحسن في التولية فقط .

واحتجوا بما رويناه من طريق عبد الرزاق ، قال ابن جريج : أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حديثا مستفاضا في المدينة { من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه ويستوفيه ، إلا أن يشرك فيه أو يوليه أو يقبله } .

وقال مالك : إن أهل العلم اجتمع رأيهم على أنه لا بأس بالشركة ، والإقالة ، والتولية في الطعام وغيره يعني قبل القبض قال أبو محمد : وما نعلم روي هذا إلا عن ربيعة ، وعن طاوس فقط - وقوله عن الحسن في التولية قد جاء عنه خلافها .

قال علي : أما خبر ربيعة فمرسل ولا حجة في مرسل ، ولو استند لسارعنا إلى الأخذ به ، ولو كانت استفاضته عن أصل صحيح لكان الزهري أولى بأن يعرف ذلك من ربيعة ، فبينهما في هذا الباب بون بعيد ، والزهري مخالف له في ذلك .

وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : التولية بيع في الطعام وغيره وبه إلى معمر عن أيوب السختياني قال : قال ابن سيرين : لا تولية حتى يقبض ويكال .

ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا الربيع بن صبيح قال : سألت الحسن عن الرجل يشتري الطعام فيوليه الرجل ؟ قال : ليس له أن يوليه حتى يقبضه ؟ فقال له عبد الملك بن الشعشاع : يا أبا سعيد أبرأيك تقوله ؟ قال : لا أقوله برأيي ، ولكنا أخذناه عن سلفنا ، وأصحابنا

قال علي : سلف الحسن هم الصحابة رضي الله عنهم ، أدرك منهم خمسمائة صاحب وأكثر ، وغزا مع مئين منهم وأصحابه هم أكابر التابعين ، فلو أقدم امرؤ على دعوى الإجماع ههنا لكان أصح من الإجماع الذي ذكره مالك بلا شك ومن طريق [ ص: 483 ] عبد الرزاق أنا سفيان الثوري عن زكريا بن أبي زائدة وفطر بن خليفة ، قال زكريا عن الشعبي ، وقال فطر : عن الحكم ، ثم اتفق الشعبي ، والحكم : على أن التولية بيع ، قال سفيان : ونحن نقول : والشركة بيع ، ولا يشرك حتى يقبض فهؤلاء الصحابة ، والتابعون كما ترى .

قال أبو محمد : الشركة ، والتولية ، إنما هو نقل ملك المرء عينا ما صح ملكه لها ، أو بعض عين ما صح ملكه لها إلى ملك غيره بثمن مسمى وهذا هو البيع نفسه ، ليست هذه الصفة ألبتة إلا للبيع ، ولا يكون بيع أصلا إلا بهذه الصفة فصح أنهما بيع صحيح ، وهم لا يخالفوننا في أنه لا يجوز فيهما إلا ما يجوز في البيع ، إلا فيما ذكرنا ههنا فقط وهذا تخصيص بلا برهان .

وأما الحنفيون : فإنهم يقولون بالمرسل ونقضوا ههنا أصلهم ، فتركوا مرسل ربيعة الذي ذكرناه وما نعلم المالكيين احتجوا بغير ما ذكرنا إلا أن بعضهم قال : الشركة ، والتولية ، والإقالة معروف ؟ فقلنا : فكان ماذا ؟ والبيع أيضا معروف ، وما عهدنا المعروف تباح فيه محرمات ، ولو كان ذلك لكان منكرا لا معروفا .

وسنتكلم إن شاء الله تعالى في الإقالة إثر هذه المسألة في مسألة مفردة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية