صفحة جزء
1513 مسألة :

ولا يحل بيع الخمر ، لا لمؤمن ، ولا لكافر ، ولا بيع الخنازير كذلك ، ولا شعورها ، ولا شيء منها ، ولا بيع صليب ، ولا صنم ، ولا ميتة ، ولا دم إلا المسك وحده ، فهو حلال بيعه وملكه ، فمن باع من المحرم الذي ذكرنا شيئا فسخ أبدا .

وروينا من طريق مسلم نا أبو كريب نا أبو معاوية [ عن الأعمش ] عن مسلم هو أبو الضحى [ ص: 491 ] عن مسروق عن عائشة أم المؤمنين { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فحرم التجارة في الخمر . }

وبه إلى مسلم : أنا قتيبة بن سعيد أنا ليث هو ابن سعد عن يزيد بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله ، " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول : { إن الله عز وجل ورسوله حرم بيع الخمر والميتة ، والخنزير ، والأصنام ، فقيل : يا رسول الله أرأيت شحم الميتة فإنه يطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس قال : لا ، هو حرام ، قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه . }

قال أبو محمد : موه قوم بهذا الخبر في تصحيح القياس ، وليس فيه للقياس أثر ، لكن فيه : أن الأوامر على العموم ; لأنه عليه السلام أخبر : أن الله تعالى حرم الشحوم على اليهود فاستحلوا بيعها ، فأنكر ذلك عليهم أشد الإنكار ، إذ خصوا التحريم ولم يحملوه على عمومه .

فصح بهذا أنه متى حرم شيء فحرام ملكه ، وبيعه ، والتصرف فيه ، وأكله على عموم تحريمه ، إلا أن يأتي نص بتخصيص شيء من ذلك فيوقف عنده .

وقد حرم الله تعالى : الخنزير ، والخمر ، والميتة ، والدم ، فحرم ملك كل ذلك ، وشربه ، والانتفاع به ، وبيعه .

وقد أوجب الله تعالى دين الإسلام على كل إنس وجن .

وقال تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله }

وقال تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه }

وقال تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله }

فوجب الحكم على اليهود ، والنصارى ، والمجوس : بحكم الإسلام ، أحبوا أم كرهوا . [ ص: 492 ]

ومن أجاز لهم بيع الخمر ظاهرا وشراءها كذلك ، وتملكها علانية ، وتملك الخنازير كذلك ، لأنهم من دينهم بزعمه ، وصدقهم في ذلك : لزمه أن يتركهم أن يقيموا شرائعهم في بيع من زنى من النصارى الأحرار ، وخصاء القسيس إذا زنى ، وقتل من يرون قتله وهم لا يفعلون ذلك فظهر تناقضهم .

وقال أبو حنيفة : إذا أمر المسلم نصرانيا بأن يشتري له خمرا : جاز ذلك وهذه من شنعه التي نعوذ بالله من مثلها .

وأما المسك : فقد صح { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التطيب بالمسك وتفضيله على الطيب } وأيضا : فقد سقط عنه اسم الدم وصفاته وحده ، فليس دما ، والأحكام إنما هي على الأسماء ، والأسماء إنما هي على الصفات ، والحدود .

روينا من طريق أبي عبيد أنا مروان بن معاوية أنا عمر المكتب أنا حزام عن ربيعة بن زكا أو زكار قال : نظر علي بن أبي طالب إلى زرارة فقال : ما هذه القرية ؟ قالوا : قرية تدعى زرارة يلحم فيها ، ويباع فيها الخمر ؟ قال : أين الطريق إليها ؟ قالوا : باب الجسر ، قالوا : يا أمير المؤمنين نأخذ لك سفينة ؟ قال : لا ، تلك شجرة ، ولا حاجة لنا في الشجرة ، انطلقوا بنا إلى باب الجسر ، فقام يمشي حتى أتاها ، فقال علي بالنيران أضرموها فيها ، فاحترقت .

ومن طريق أبي عبيد نا هشام ومروان بن معاوية الفزاري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني ، قال : بلغ عمر بن الخطاب أن رجلا من أهل السواد أثرى في تجارة الخمر ، فكتب : أن اكسروا كل شيء قدرتم له عليه ، وسيروا كل ماشية له ، ولا يؤوين أحد له شيئا .

فهذا حكم علي ، وعمر ، بحضرة الصحابة رضي الله عنهم فيمن باع الخمر من المشركين ولا مخالف له يعرف من الصحابة فخالفوهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية