صفحة جزء
1519 مسألة :

وكل صفقة جمعت حراما وحلالا فهي باطل كلها ، لا يصح منها شيء مثل : أن يكون بعض المبيع مغصوبا ، أو لا يحل ملكه ، أو عقدا فاسدا وسواء كان أقل الصفقة ، أو أكثرها ، أو أدناها ، أو أعلاها ، أو أوسطها وقال مالك : إن كان ذلك وجه الصفقة بطلت كلها ، وإن كان شيئا يسيرا بطل الحرام ، وصح الحلال .

قال علي : وهذا قول فاسد لا دليل على صحته ، لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول صاحب ، ولا قياس .

ومن العجائب احتجاجهم لذلك بأن قالوا : إن وجه الصفقة هو المراد والمقصود ؟ فقلنا لهم : فكان ماذا ؟ ومن أين وجب بذلك ما ذكرتم ؟ وما هو إلا قولكم احتججتم له بقولكم ، فسقط هذا القول .

وقال آخرون : يصح الحلال قل أو كثر ويبطل الحرام قل أو كثر .

قال أبو محمد : فوجدنا هذا القول يبطله قول الله عز وجل : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } فهذان لم يتراضيا ببعض الصفقة دون بعض ، وإنما تراضيا بجميعها ، فمن ألزمهما بعضها دون بعض فقد ألزمهما ما لم يتراضيا به حين العقد ، فخالف أمر الله تعالى ، وحكم بأكل المال بالباطل وهو حرام بالقرآن ، فإن تراضيا الآن بذلك لم نمنعهما ، ولكن بعقد مجرد برضاهما معا ; لأن العقد الأول لم يقع هكذا .

وأيضا : فإن الصحيح من تلك الصفقة لم يتعاقدا صحته إلا بصحة الباطل الذي لا صحة له ، وكل ما لا صحة له إلا بصحة ما لا يصح أبدا فلا صحة له أبدا وهو قول أصحابنا وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية