صفحة جزء
1536 - مسألة : ولا يحل بيع كتابة المكاتب ، ولا خدمة المدبر ، وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأبي حنيفة .

[ ص: 514 ] وأجاز مالك كلا الأمرين : أما المدبر فمن نفسه فقط ، وأما المكاتب فمن نفسه ومن غيره ، وأجاز بيعهما جملة : الزهري ، وابن المسيب .

وروينا مثل قول مالك عن عطاء ، وابن سيرين ; لأن كتابة المكاتب إنما تجب بالنجوم ، ولا تجب قبل ذلك ، فمن باعها فقد باع ما لا يملك بعد ، ولا يدري أيجب له أم لا ؟ وأيضا : فليست عينا معينة ، فلا يدري البائع أي شيء باع من نوع ما باع ، ولا يدري المشتري ما اشترى ، فهو بيع غرر ، ومجهول العين ، وأكل مال بالباطل .

فإن قيل : فقد روي عن جابر أنه أجاز بيعها ؟ قلنا : وكم قصة رويت عن جابر خالفتموها - : منها : قوله الذي قد أوردنا أن لا يباع شيء اشتري كائنا ما كان إلا حتى يقبض وقوله : العمرة فريضة ، وقوله : لا يحرم أحد قبل أشهر الحج بالحج وقوله : لا يجوز ثمن الهر .

وغير ذلك كثير مما لا يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك ، فالآن صار حجة وهنالك لا ؟ إن هذا لعجب ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقولنا هو قول الشافعي .

وأما خدمة المدبر فبيعها ظاهر الفساد والبطلان ; لأنه لا يدري كم يخدم ولعله سيخدم خمسين سنة ، أو لعله يموت غدا ، أو بعد ساعة ، أو يخرج حرا كذلك - فهذا هو الحرام البحت ، وأكل المال بالباطل ، وبيع الغرر ، وبيع ما ليس عينا ، وبيع ما لم يخلق بعد ، فقد جمع كل بلاء .

فإن قيل : فقد رويتم من طريق محمد بن علي بن الحسين { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع خدمة المدبر } روينا ذلك من طريق شعبة عن الحكم عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ؟ [ ص: 515 ] قلنا : هذا مرسل ، والمرسل لا تقوم به حجة - وكذلك لا يجوز بيع خدمة المخدم أصلا ، لما ذكرنا في خدمة المدبر ولا فرق - وبالله - تعالى - التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية