صفحة جزء
1555 - مسألة : وجائز لمن أتى السوق من أهله ، أو من غير أهله ، أن يبيع سلعته بأقل من سعرها في السوق ، وبأكثر - ولا اعتراض لأهل السوق عليه في ذلك ، ولا للسلطان .

وقال المالكيون : ليس له أن يبيع بأقل من سعرها ، ويمنع من ذلك وله أن يبيع بأكثر .

قال علي : وهذا عجب جدا أن يمنعوه من الترخيص على المسلمين ، ويبيحون له التغلية ؟ إن هذا لعجب وما نعلم قولهم هذا عن أحد قبل مالك .

ثم زادوا في العجب واحتجوا بالذي روينا من طريق مالك عن يونس بن يوسف عن سعيد بن المسيب : أن عمر مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق ، فقال له عمر : إما أن تزيد في السعر ، وإما أن ترفع عن سوقنا .

[ ص: 538 ] قال علي : هذا لا حجة لهم فيه لوجوه - : أحدها : أنه لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والثاني : أنهم كم قصة خالفوا فيها عمر كإجباره بني عم على النفقة على ابن عمهم ، وكعتقه كل ذي رحم محرمة إذا ملك ، وغير ذلك .

والثالث : أنه لا يصح عن عمر ; لأن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر إلا نعيه النعمان بن مقرن فقط .

والرابع : أنه لو صح لكانوا قد أخطئوا فيه على عمر ، فتأولوه بما لا يجوز ، وإنما أراد عمر بذلك لو صح عنه بقوله إما أن تزيد في السعر ، يريد أن تبيع من المكاييل أكثر مما تبيع بهذا الثمن ، وهذا خلاف قولهم - هذا الذي لا يجوز أن يظن بعمر غيره ، فكيف وقد جاء عن عمر مبينا .

كما روينا هذا الخبر عنه من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال : وجد عمر حاطب بن أبي بلتعة يبيع الزبيب بالمدينة فقال : كيف تبيع يا حاطب ؟ فقال : مدين ، فقال عمر : تبتاعون بأبوابنا ، وأفنيتنا ، وأسواقنا ، تقطعون في رقابنا . ثم تبيعون كيف شئتم ، بع صاعا ، وإلا فلا تبع في أسواقنا ، وإلا فسيبوا في الأرض ثم اجلبوا ثم بيعوا كيف شئتم .

فهذا خبر عمر مع حاطب في الزبيب كما يجب أن يظن بعمر .

فإن قالوا : في هذا ضرر على أهل السوق ؟ قلنا : هذا باطل ، بل في قولكم أنتم الضرر على أهل البلد كلهم ، وعلى المساكين ، وعلى هذا المحسن إلى الناس ، ولا ضرر في ذلك على أهل السوق ; لأنهم إن شاءوا أن يرخصوا كما فعل هذا فليفعلوا ، وإلا فهم أملك بأموالهم كما هذا أملك بماله .

والحجة القاطعة في هذا قول الله - تعالى - : { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } وقوله تعالى : { وأحل الله البيع } .

التالي السابق


الخدمات العلمية